إستراتيجيــــــــــــة وطنــــيـــة للطفــــل

إستراتيجيــــــــــــة وطنــــيـــة للطفــــل

إن وضع إستراتيجية وطنية للطفل البحريني شيء يدعو للتفاؤل حول أجيال المستقبل في البلاد، ودليل على وجود تخطيط علمي تتبناه وزارة التنمية في صنع رجال المستقبل وضمان حقوقهم وحمايتهم من كل ما يضر بهم صحيا وفكريا وتعليميا.
الطفل البحريني له احتياجات خاصة جدا، تختلف عن نظيره في العالم وفي الوطن العربي، وهي متطلبات تفهمها الوزارة بكل تأكيد، وتسعى لتلبيتها حرصا على صنع مستقبل مضمون لهؤلاء الأطفال الذين سيكونون رجال المستقبل، وهم يشكلون حسب ما اطلعنا عليه من إحصاءات 47 % من عدد سكان البلاد.
كل دول العالم تجتهد في حماية الطفل من العنف بأنواعه كافة، وتضع من القوانين ما يكفي لجعل الطفل ينعم بطفولته، وتمنع عمالة الأطفال واستغلالهم في أشياء لا تتفق مع طفولتهم وتشوههم نفسيا، ولكن الطفل البحريني إلى جانب كل هذا يحتاج إلى أشياء أكثر من غيره من أطفال العالم. هناك قسم كبير من أطفال البحرين ربما يكون أكثر أطفال العالم تعرضا للحيرة والخوف والتشتت وهو في عمر صغير؛ لأن ثقافتين تتنازعانه منذ ميلاده، ثقافة الدولة الساعية لإزالة الفوارق وإزالة الإحساس بالاختلاف والطائفية وتأكيد معاني الوطنية وتعميق الانتماء والولاء، وثقافة أخرى تفعل عكس كل هذا وتقول للطفل إنه مختلف وإنه مظلوم وإنه في المدرسة ولكن عليه ألا يأخذ ما يتلقاه هناك على محمل الجد، وأن يعد نفسه إلى مقاومة أعداء داخل الوطن وليس خارجه، فتتشوه في داخله كلمة وطن، ولا يجده ذلك الحضن الدافئ الذي يشعر به غيره من الأطفال في أرجاء العالم، ولا يحلم أحلاما طبيعية كهؤلاء الأطفال، ولا يقول أريد أن أكون ضابطا أو جنديا أدافع عنه عندما أكبر ولكنه يقول أشياء أخرى.
نحلم أن تكون هذه الإستراتيجية الوطنية دواء شافيا لهذه الأمور المهمة؛ لأن عدم مداواتها يفشل ما سواها من إنجازات. المهمة ليست يسيرة لا شك في ذلك، والمسؤوليات لا تقع على عاتق وزارة واحدة ولكنها تقع على عاتق الجميع،فوزارة التربية والتعليم مسؤولة، ووزارة الأوقاف مسؤولة، وأجهزة الإعلام كلها مسؤولة، وكل من لديهم ضمير وطني مسؤولون عن حماية الطفل وإبعاده عن كل ما يحرمه من طفولته ويملأ عقله ونفسه بما يجعله عنيفا وعدوانيا وكارها لمن حوله. وإن من أجمل وأنفع البرامج التي تتبناها وزارة التنمية برنامج فرسان السلام للتكيف مع الأزمات، والذي يهدف إلى إعلاء ثقافة التعايش والتقارب المجتمعي بين جميع مكونات المجتمع، والتي سيتم تدشين النسخة الثانية منه وسيشارك فيه حوالي 100 طفل في الأعمار ما بين 9-12 سنة من جميع أطياف المجتمع البحريني، ونتمنى أن تكون هناك آلية لقياس مدى تحقق أهداف هذا البرنامج على الأرض.