بثينه خليفه قاسم
١ سبتمبر ٢٠١٩
أنا ومن بعدي الطوفان
أنا ومن بعدي الطوفان مقولة فرنسية الأصل قالتها عشيقة لويس الخامس عشر منذ زمن طويل لتتحول إلى وصف لكل الأنانيين الذين لا يرون سوى أنفسهم ومصالحهم الشخصية حتى وإن اقتضى ذلك أن يذهب كل ما عداهم إلى الجحيم أو يأخذه الطوفان ،فهم أولا وأخيراً وهم مركز الكون وهم الذين يجب أن يمروا ولو فوق جماجم غيرهم .وعندما يصل هؤلاء الأنانيين إلى نقطة اليأس فلهم أن يهدموا الكون كله على رؤوس البشر .
أنا ومن بعدي الطوفان هي أبشع وصف لأبشع عقيدة عرفها بني البشر وهي عقيدة إبليس الذي استخدم الأنا الهدامة وقال أنا خير منه ،خلقته من طين وخلقتني من نار .
أنا ومن بعدي الطوفان هي عقيدة الهدامين الذين لا يريدون لأي شيء نافع أو جميل أن يبقى من بعدهم ،وهم بذلك بعيدون كل البعد عن الفطرة الإنسانية السليمة وبعيدون عن مباديء الدين التي يدعو إلى التعمير والبناء حتى في لحظة القيامة حين تزلزل الأرض زلزالها ،مباديء الدين التي تقول : إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها ان استطاع أن يغرسها .
أصحاب عقيدة أنا ومن بعدي الطوفان عندنا يمسكون بدفة القيادة في أي أمر كبير أو صغير لابد أن ينتهي هذا الأمر نهاية درامية محزنة وقد يأخذ الطوفان الجميع بمن فيهم الأنانيون اصحاب ذلك المبدأ البشع.
فعندما يكون صاحب هذا المبدأ الهدام مديرا في مؤسسة ما تجده يسير بتلك المؤسسة إلى الوراء ويوصلها الى الخراب لأنه لا يعد غيره للقيادة ،فهو لا يؤمن بشيء في الكون سوى بنفسه المريضة،ولا ينقل خبرته لأحد وكأنه كائن استثنائي لم تجود الأقدار بمثله .
واذا كان صاحب هذا المبدأ حاكما لدولة فإنه يفعل أيضا كما يفعل مدير المؤسسة الصغيرة فتجده متصلبا في كل شيء ،لا يستمع لأحد ولا يرى ما تتطلبه دولته من إصلاحات ضرورية ولا يعترف بالتطور الطبيعي للكون وما يتطلبه من مرونة ضرورية ولا يعترف حتى بالخطر الذي بات يحوطه من كل جانب .
ولو نظرنا لكل الدولة التي اتاها الطوفان وانجرفت وضاعت لوجدنا أن الممسكين بدفتها كانوا من أصحاب عقيدة أنا ومن بعدي الطوفان .