أخيرا قامت مصر بقطع الغاز عن إسرائيل بعد سنوات من الجدل داخل مصر وخارجها حول حصول الدولة الصهيونية على الغاز المصري بثمن بخس،في الوقت الذي كان يعاني فيه الفلسطينيون في غزة من انقطاع الكهرباء وتوقف المخابز بسبب قطع إسرائيل لإمدادات الطاقة.
كانت صورة عجيبة أن نرى ونقرأ عن أزمات الغاز التي يعاني منها الشعب المصري والطوابير الطويلة التي تنتظر من أجل الحصول على اسطوانة غاز في الوقت الذي يصل فيه الغاز المصري للمواطن الإسرائيلي بسهولة ويسر وبأرخص الأسعار.
وكان السماح بتصدير الغاز المصري لإسرائيل من أهم أسباب تشويه النظام المصري السابق في نظر الشعب المصري وفي نظر الشعوب العربية والإسلامية،وقد عجز أنصار هذا النظام عن تقديم أي تبرير لهذه الشعوب حول هذا الأمر.
ولأول مرة منذ معاهدة كامب ديفيد نجد توافقا بين الموقف الشعبي والموقف الحكومي تجاه الدولة الصهيونية،حيث كان النظام المصري في واد والشعب في واد آخر ولم تنجح محاولات التطبيع بأي شكل من الأشكال على المستوى الشعبي.
وسواء كان هذا القرار ناتجا عن موقف سياسي أو عن نزاع تجاري بحت بين الدولتين،فالنتيجة واحدة،والمهم هو أن إسرائيل لم تعد تنعم بغاز المصريين الفقراء.
ولكن على الرغم من أن قرار قطع الغاز المصري عن الكيان الصهيوني قد أسعد الشعب المصري بأكمله وأسعدنا جميعا كعرب،إلا أن هذا القرار سيكون له ما بعده من مواقف ومن توتر في العلاقات بين مصر وبين الكيان الصهيوني،ولابد أن تكون مصر مستعدة لمواجهة تبعات هذا القرار الذي تأخر كثيرا.
وقد تابعنا منذ اللحظة الأولى لهذا القرار المصري كيف تتابعت التصريحات الإسرائيلية النارية التي تدق طبول الحرب على مصر،ومن أكثر هذه التصريحات سخونة تصريح لبرمان وزير الخارجية الصهيوني الذي قال بالحرف الواحد إن مصر الآن أشد خطرا على إسرائيل من إيران وأسلحتها النووية.
وبدأت تتعالى أصوات إسرائيلية مليئة بالصلف والغرور مطالبة باحتلال سيناء المصرية مرة أخرى ردا على هذا القرار المصري.
فهل يمكن أن يكون هذا القرار المصري بداية لصراع جديد بين مصر وجارتها الصهيونية في هذا الوقت الصعب الذي تمر به مصر حاليا،أم أن إسرائيل لن تغامر وتضحي بالسلام مع مصر بعد نجحت منذ كامب ديفيد في إخراج مصر من معادلة الصراع في المنطقة واستطاعت أن تحقق في ظل السلام ما لم تستطع تحقيقه في ظل الحرب؟
وعلى أية حال سيكون ملف العلاقات مع الدولة الصهيونية هو أخطر الملفات الني ستواجه رئيس مصر القادم في ظل سيطرة الإسلاميين على مقاليد الأمور في مصر.