بصفتي من المهتمين باللغة العربية،فقد أهداني زميل كتابا بعنوان”أخطاء اللغة العربية المعاصرة عند الكتاب والإذاعيين”للدكتور أحمد مختار عمر الأستاذ بكلية دار العلوم جامعة القاهرة. وهو ليس كتابا حديثا،فقد صدرت طبعته الأولى عام 1991 ،وعندما وقعت عيناي على عنوان الكتاب للمرة الأولى اعتقدت أن صاحبه يريد أن يقلل من شأن أهل الإعلام ولغتهم،ولكني ما أن قرأت مقدمة الكتاب حتى حمدت الله لأني أستخدم اللغة العربية في الكتابة وليس في الكلام،فاللغة المكتوبة ولله الحمد تخفي أخطاءا لاحصر لها،وهذا من حسن حظ الكتاب،هذا إلى جانب أن الصحف والمجلات بها مصححون يقومون على معالجة ما يمكنهم من أخطاء فيما يكتبه الكتاب،و أقول كل ما يمكنهم وليس كل شيء لأن الكتاب الذي نتحدث عنه هنا قد رصد أخطاءا كثيرة في كبريات الصحف العربية بعد أن مرت على المصححين.
أما المذيعون ومقدمي البرامج وقراء نشرات الأخبار وكل الذين يتحدثون في الإعلام المسموع والمرئي فقد أشفقت عليهم ،لأن صاحب الكتاب ضرب أمثلة يشيب لها الولدان في هذا الكتاب الشيق الممتع.
كنت أعتقد أن صاحب الكتاب قد قام برصد أخطاء بعض المذيعين الجدد ممن انحدرت لديهم اللغة العربية إلى حد مزعج،ولكنني وجدته يضرب أمثلة بمذيعين لهم تاريخ في عالم الإعلام العربي ويركز في المقام الأول على مشاهير الكتاب في العالم العربي و على محطات إذاعية وتلفزيونية شهيرة مثل صوت أمريكا وإذاعة لندن وإذاعة الكويت والإذاعة المصرية عندما كان في مصر إذاعة قوية.
ولكي لا ينزعج أهل الإعلام أو يشعروا أنه قد تجنى عليهم وأراد النيل من شهرتهم ومكانتهم لدى الجماهير، فقد بدأ صاحب هذا الكتاب بخطأ للعالم الجليل الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر الشريف ،وقال أن الشيخ في حديث ديني بالإذاعة قال:”مجالس الغيبة والنميمة”،بفتح الغين وتسكين الياء،بينما الصحيح كما ذكر مؤلف الكتاب هو:”الغيبة”بكسر الغين ومد الياء.
ومن الأمثلة الطريفة التي أتى بها كاتبنا أيضا،خطأ لعملاق اللغة والأدب عباس محمود العقاد خلال حديث إذاعي،حيث قال: “..وجاء القرن التاسع عشر”.
ثم ضرب كاتبنا أمثلة كثيرة ومدهشة إلى حد بعيد لأخطاء مذيعين كبار في إذاعات لها مكانتها وشهرتها الكبيرة.
وتناول أخطاءا في صحف عربية عريقة مثل جريدة الأهرام المصرية التي يعمل بها جيشا من المصححيين،فذكر هذا المثال: “الطالبات تكتسحن المراكز الأولى في الثانوية العامة”،وكذلك: “إبك أيتها الحرية”،بدلا من “ابكي أيتها الحرية.
والطريف أنه ذكر في مقدمة كتابه أنه لم يتعرض للأخطاء البديهية التي يقع فيها الكتاب والاذاعيون من مثل نصب الفاعل ورفع المفعول،ونصب اسم كان وخبر إن.. إلا ما كان نتيجة شبهة أو توهم،وقال أنه لو فعل ذلك لفقد الكتاب قدرا كبيرا من قيمته،ولتحول إلى عمل يخاطب المبتدئين.
ملحوظة هامة:
أعرف أن من سيقرأ هذا العمود من أهل اللغة سوف يفتش لي عن خطأ فيه،ولكن لا بأس طالما أن العقاد قد أخطأ في اللغة،ولكنني رغم ذلك أدعوكم ونفسي لاحترام اللغة العربية.
وللحديث بقية