دخلت الرؤية الاقتصادية 2030 لمملكة البحرين حيز التنفيذ رسميا بقيام صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة بتدشينها يوم الخميس 23 أكتوبر 2009، ليكون هذا التاريخ نقطة بداية لبحرين جديدة يتم بناؤها بالعمل التراكمي في المجالات كافة لكي تصل البحرين إلى النقطة الزمنية المحددة في هذه الخطة الواعدة وهي 2030 وقد أنجزت ما تريد وما يكفي لتكون على مستوى التحولات المتوقعة في المنطقة خلال هذا المدى الزمني الذي تضمنته الخطة.
ولابد للجميع أن يعلم أن المدى الزمني لهذه الخطة الذي سيمضي بها حتى 2030 لم يأت من فراغ، ولكنه وضع بناء على رؤية ثاقبة وإستراتيجية لولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، قائد المستقبل الذي يؤمن بأهمية استشراف التحولات المستقبلية المتوقعة والتعامل معها بما يضمن سير الأمور بلا مفاجآت أو مشكلات تتفاقم من دون استعداد لمواجهتها.
لقد اختير هذا المدى الزمني الذي تسعى الخطة خلاله إلى تحقيق مستوى معين من الإنجاز في مجالات الاقتصاد والتعليم والبنية الأساسية؛ لأنه يتوقع حدوث تحولات كبيرة على مستوى الدول الست التي يتكون منها مجلس التعاون الخليجي خلال تلك الفترة، وهي تحولات مهمة لو أحسن التعامل معها سيكون لها أثر إيجابي على مكانة هذه الدول وتأثيرها على سياسات المنطقة والعالم،بحكم النهضة التنموية الكبرى التي ستتحقق خلال هذا المدى الزمني.
فمن المتوقع، طبقا لحسابات بعض الخبراء، أن يصل عدد سكان دول مجلس التعاون في 2030 إلى 80 مليون نسمة، أي ضعف العدد الحالي تقريبا، وهو ما يتطلب من كل القطاعات، في الدول الست، وأولها البحرين، أن تعمل، ليس فقط لاستيعاب هذه الزيادة فيما يتعلق بالإسكان والصحة والتعليم، ولكن لتحويل هذه الزيادة إلى قوة مسلحة بالعلم والمهارات اللازمة لتحمل على كاهلها نهضة الخليج الجديد.
وعلى المستوى الاقتصادي، بالإضافة إلى النفط والغاز والصناعات المرتبطة بهما، يتوقع الخبراء أن تزداد الحركة السياحية إلى دول الخليج في 2030 لتصل إلى 150 مليون سائح أجنبي خلال العام، والبحرين مؤهلة لأن يكون لها نصيب لا بأس به من هذه الزيادة من خلال الاستعداد والانخراط في التنافس الشريف مع شقيقاتها في هذا الشأن. وبناء عليه فإن على قطاع السياحة أن يعمل من الآن وأن يحسم أمره تجاه العديد من القضايا الخلافية، لكي تبقى البحرين الاختيار الأمثل في مجال الاستثمار السياحي، ولكي تتأهب البحرين لتكون حجر الزاوية في هذا الخليج الجديد.
أما التعليم – وما أدراك ما التعليم – فمنوط به مهام غاية في الخطورة في المرحلة المقبلة، وأمامه تحد أساس وخطير خلال الخطة 2030 لأن إعداد العنصر البشري هو الأساس في نجاح أي خطة اقتصادية، فلابد من إعداد جيل من الشباب البحريني يكون مسلحا بالعلم والمهارات الأساسية اللازمة لتحمل المسؤولية في القطاعات كافة، ويكون أداؤه متناسبا كمًّا وكيفًا مع ما تخطِّط له المملكة خلال هذه المرحلة المحددة. وأعتقد أن كل الصلاحيات موكلة لقطاع التعليم للمضي قدما في صناعة هذا الجيل. ولا أبالغ إذا قلت إن مستقبل البحرين والمكانة التي ستنالها بين شقيقاتها الخليجيات وعلى مستوى المنطقة ترتبط إلى حد كبير بنجاح قطاع التعليم في إعداد جيل المستقبل. والمقصود بجيل المستقبل ذلك الجيل المسلح بالمهارات كافة التي تجعلنا نكتفي محليا في كل التخصصات، وعندها يمكن أن يختفي مصطلح “التجنيس السياسي” إلى الأبد؛ لأننا سنستطيع أن ندير كل شؤوننا بطاقات شبابنا الجديد.