كورونا وأسوأ ما حدث

كورونا وأسوأ ما حدث

بثينه خليفه قاسم

12 يونيو 2020

 

كورونا وأسوأ ما حدث

 

في بادئ الأمر اعتقدت أن وباء كورونا سوف يجعل الرحمة والإنسانية والتكاتف  والتكافل مفردات ستبعث وتخرج من المعاجم إلى حياة البشر ، سواء على مستوى التعامل اليومي بين البشر داخل المجتمع الواحد  أو على مستوى العلاقات بين الشعوب والدول وبعضها البعض، ولكني أعترفت مع مرور الوقت أنها كانت سذاجة مني ومن كل من يتصور أن العلاقات الدولية يمكن أن تعرف هكذا مفردات.

 

الشيء المؤلم الذي أثبتته الأيام في زمن كورونا أن هذا الوباء قد كشف عن أسوأ ما في النفس البشرية من صفات، فرأينا مواقف مخجلة في دول معينة عن أناس يتنمرون على مرضى كورونا وعلى ذويهم وكأن الإصابة بالمرض أصبحت عارا يخجل منه الإنسان.

 

قرأنا عن الذين حاول منع دفن إحدى السيدات التي توفيت بسبب كورونا خوفا من تنقل الفيروس إلى المنطقة التي يقيمون فيها ،ورأينا من يرفضون استلام جثة والدتهم خوفا من الإصابة بالوباء!

 

فقد كثير من البشر أفضل ما يميز الإنسان عن الحيوان من صفات بسبب هذه الجائحة المخيفة وأصبح كل انسان بينه وبين نفسه يقول أنا ومن بعدي الطوفان.

 

أما ما حدث على مستوى العلاقات الدولية، فكان ولابد أن يكون أسوأ مما حدث على مستوى التعامل بين أحاد الناس .لم تتوقف الحروب ولم تصمت البنادق لبعض الوقت، ولكن زادت الحروب وزادت الخسة والنذالة في استغلال هذه المحنة التي تواجه البشرية في تحقيق أهداف معينة.

 

رأينا الحوثيين، بلا أي وازع من ضمير يتركون الناس يصارعون الموت في الشوارع في اليمن تحقيقا لأهداف سياسية. ورأينا إسرائيل تسعى بكل بجاحة لضم أراضي فلسطينية جديدة استغلالا للظروف التي يمر بها العالم كله. ورأينا أردوغان يتخلى تماما عن الحياء السياسي ويستعيد كل وحشية العثمانيين وعشقهم للدم ويمارس القتل والتخريب في ليبيا وسوريا .

 

رأينا ممارسات عنصرية ورأينا السود الذين لا يملكون تأمينا صحيا يواجهون الموت وحدهم في الدول التي تعطي لغيرها دروسا في حقوق الإنسان منذ مائة عام .

 

ورأينا كهولا وعجائز يتركون راقدين في الشوارع لأنهم لا جدوى من علاجهم كحالات ميؤوس منها وأن الشباب اولى منهم بتلقي العلاج . كورونا إذن كشفت عن افتقاد الكثير من الناس لإنسانيتهم.

وكورونا إذن هي فرصة لن تتكرر لكل أوغاد العالم لكي يكشفوا عن وجوههم ويستفيدوا من انشغال العالم بهذه الجائحة .