عنف.. ولوفي اليوتوبيا!

عنف.. ولوفي اليوتوبيا!

العنف والتخريب، والتمرد على النظام العام والقانون يحدث في الدول التي تعاني من انسداد الأفق السياسي كنتيجة مثلا لتزوير الانتخابات ،والتنكر لإرادة الشعب ولما قررته الأغلبية من أبنائه ،والانقضاض على الديمقراطية برمتها.أما العنف في البحرين ،فهو شأن آخر تماما،لأنه بدون مبالغة ،عنف من أجل العنف، ومن أجل خلق أجواء ظلامية لتحقيق مآرب معينة.
فما يريده المخططون لإثارة الفوضى في بلادنا ، ليس سعيا إلى ديمقراطية أو إصلاح،ولكنه سعي مكشوف للانقضاض على المشروع الإصلاحي الذي تبناه جلالة الملك دون ضغوط من أحد،هنا أو هناك.
وليس هناك عجب في هذا، فهناك فئة من الناس لا يناسبها المشروع الإصلاحي ولا يناسبها السير في طريق الديمقراطية،الذي بدأته البحرين وقطعت فيه شوطا كبيرا،لأن البرنامج الإصلاحي والديمقراطية يفقد هذه الفئة مبرر وجودها ويقف عقبة في طريق تحريضهم للشباب. هم يتحركون لهدم ما ارتضته غالبية الشعب،لأن الفوضى هي البيئة الطبيعية التي تتحقق فيها طموحاتهم.
أنا لا أقول أن البحرين أصبحت “اليوتوبيا”،ولكني أقول أن البحرين قطعت شوطا كبيرا في طريق الإصلاح والديمقراطية ،بشهادة القريب والبعيد.ولكن حتى لو أصبحت البحرين”يوتوبيا”،فلن يتوقف بعض أهلنا عن العنف وعن التحريض.
فهل يوجد دليل على سوء النوايا أكثر من الإصرار كل عام على اختيار أوقات بعينها لزيادة معدل العنف والتحريض .صحيح أن لدينا كل يوم جمعة ،على الأقل، مسيرة وحريقا، وكأن حرق الإطارات وحاويات القمامة ،وتفجير” السلندرات” قد أصبح من شعائر الجمعة. لكن اختصاص مناسبات وطنية معينة بمزيد من الحرق والتخريب والتحريض،فهو علامة واضحة على سوء النية،لأن المناسبات الوطنية هي التجسيد الواضح لوحدة الشعب،وليس العكس،وبالتالي فالسعي لتشويه هذه المناسبات وإفقادها معناها ورمزيتها،هو سعي لتشويه الوطن كمفهوم وكقيمة بهدف تقديم الجماعة أو الطائفة كبديل لهذا الوطن.ويصاحب ذلك بطبيعة الحال التشكيك في الآخر لزيادة ترابط الفئة الواحدة ،والمهم دوما هو بقاء “نحن” وبقاء “الآخر”.
لا مبرر إطلاقا لزيادة التحريض على العنف هذه الأيام، مع اقتراب بدء محاكمات قضائية لمتهمين في قضايا حرق وقتل سوى الرغبة في تشويه الوطن في أذهان الشباب، ليس له أي تفسير آخر.
إنه من المؤسف أن يقوم البعض من رجال الدين باستغلال العواطف الدينية الجياشة للشباب،واستغلال المنابر الدينية ذات القداسة،في هدم كل ما تبذله الدولة من جهود لإعلاء شأن الوطن ووحدته.وإن تسخين عواطف الشباب وجعلهم جاهزين للتخريب والدمار عند أول إشارة تصدر إليهم،أمر يأباه الدين وتأباه الفطرة السليمة.
لقد بلغ الأمر ببعض أبناء مملكتنا الصغيرة استنساخ كل تجارب الغير،حتى وإن كانت هذه التجارب ،هدامة أو غير مبررة،فقاموا بالذهاب للخارج ليقوموا بإثارة الغبار على وجه الوطن وتشويهه بالتزامن مع محاولات التشويه المصنعة محليا،والهدف واحد بالطبع،وهو تبشيع صورة الوطن،حتى وإن كان هذا الوطن فاتحا ذراعية للجميع.
لقد غاب عن هؤلاء الساعين للاستقواء بالخارج شيئان أساسيان .أولهما: أن حالتهم ليس لها ما يبررها لأن البحرين لم تطرد أحد من أبنائها ولم تنكل بأحد،حتى عندما قام البعض بارتكاب جرائم ضد الوطن،وبالتالي فإن اللجوء للاستقواء بالخارج هو نوع  مضحك من أنواع المحاكاة وتقليد الغير دون مبرر.أما الشيء الثاني الذي غاب عن هؤلاء، فهو أن التجارب أثبتت في أماكن عدة أن من يستقوي بالخارج يتحول إلى مجرد دمية في يد هذا الخارج ،حتى وإن أصبح حاكما في بلده يوما ما. ولذلك فنحن لا نبالغ إذا قلنا أن الاستقواء بالخارج هو مرادف للخيانة.