“صعدا”

“صعدا”

واللعب على المكشوف
ما يجري في اليمن حالياً أمرٌ غاية في الخطورة، وما يقوم به الحوثيون من تمرد على الدولة اليمنية يعطي دلائل ومؤشرات على ضلوع أطراف خارجية في هذا الصراع، ويبين أن ما قاله المسؤولون اليمنيون عن دعم خارجي للمتمردين ليس من قبيل العمل على حشد الدعم العربي لموقف الحكومة من التمرد، فالمتابع لتصريحات الحوثيين على القنوات الفضائية يجد أنهم يتصرفون كدولة ، لا كجماعة معارضة أو فصيل يشعر بالغبن أو بعدم المساواة في الحقوق مع غيره، تجدهم يضعون شروطاً لكي يتخلوا عن السلاح وكأنهم دولة بالفعل وهو ما جعل المسؤولين اليمنيين يتبنون الحسم العسكري خيارا وحيدا وأمثل.
ولو أخذنا في الاعتبار تجدد النزعات الانفصالية لبعض المحافظات في جنوب اليمن، نجد أن اليمن في خطر حقيقي ويجب على الدول العربية وعلى رأسها دول مجلس التعاون الخليجي دعم اليمن لتخطي هذه المرحلة الخطيرة، فما يحدث في اليمن يضر بالأمن القومي لجميع دول الخليج بشكل مباشر، وإن العبث باليمن في هذه المنطقة “صعدا” يقصد به أكبر دولة في مجلس التعاون الخليجي وهي السعودية.
وقد لحظنا أنه بعد إعلان المسؤولين اليمنيين وجود أسلحة إيرانية في مخابئ الحوثيين، قامت أطراف معينة بترويج أكاذيب عن مشاركة طائرات سعودية في قمع التمرد الحوثي، وهو ما يؤكد أن اللعب هذه المرة أصبح على المكشوف.
فاتهام اليمنيين لإيران بدعم الحوثيين ليس أمراً جديداً، فقد تكرر مراراً مع تكرار التمرد، والنفي الإيراني لهذا الدعم قد تكرر أيضاً. ولكن الجديد هذه المرة أن التمرد الحوثي قد أصبح بوضوح في المنطقة بأسرها، وقد رأينا في البحرين الأيام الماضية تطاير بعض شظايا هذه الفتنة هنا وهناك، وسمعنا ما يزعجنا بشدة في أثناء تطاير هذه الشظايا، وكما يقولون: لا يوجد دخان من دون نار.
ومهما كانت الاتهامات والتبريرات والتوظيفات والصيد في الماء العكر، فالخلاصة المهمة هي ضرورة الوقوف إلى جانب اليمن من قبل جميع الدول العربية؛ لأن نشر الفوضى في اليمن معناه نشر الفوضى في خليج عدن الذي يشارك اليمن بكل قوته لمحاربة القرصنة فيه، والجميع يعرف معنى انعدام الأمن في هذا الخليج ويعرف أن هناك من يعمل على تفاقم مسألة القرصنة وانعدام الأمن في البحر الأحمر وبالتالي المطالبة يتدويل الأمن فيه، أو على الأقل إلحاق الضرر البالغ بدولة عربية أخرى كبرى إلى جانب السعودية.
ولا يجب أن ننسى أن اليمن هو من أهم مفاتيح الدفاع عن العالم العربي من خلال الموقع الإستراتيجي الذي يتميز به، والجميع يتذكر قيام اليمن بإغلاق باب المندب أثناء حرب أكتوبر 1973 مما أدى إلى تحييد البحيرة الإسرائيلية ودعم التفوق المصري آنذاك.