تقتل الحسين وتسأل عن دم ”البرغوث”

تقتل الحسين وتسأل عن دم ”البرغوث”

عجبت حقاً أن تواصل الخارجية الأمريكية إصدار تقاريرها السنوية التي تقيم بها الدول كل عام فتتهم تلك الدولة بأنها تخترق الحريات الدينية وتتهم أخرى بأنها تنتهك حقوق الأقليات وتتهم ثالثة بالاتجار بالبشر .
والعجيب هنا ليس في التصدي لهكذا ممارسات أياً كانت الدولة التي تمارسها ، ولكن العجيب هو أن تصر الولايات المتحدة تحديداً على تنصيب نفسها حكماً في هكذا أمور بعد كل المآسي التي صنعتها والخراب الذي نشرته في العالم ، فكيف لدولة تستثني جنودها من الخضوع للمحكمة الجنائية الدولية وتصر على إخضاع من سواهم لهذه المحكمة حتى وإن كانوا رؤساء دول أن تصبح حكما فى أمور تتعلق بحقوق البشر فى غيرها من الدول؟ .وكيف لدولة تسمح لجنودها باستخدام الفسفور الأبيض ضد أهالي الفلوجة العراقية دون أن يرف لها جفن أن تتهم غيرها بالاتجار بالبشر؟. وكيف لدولة تغض الطرف عن ممارسات ربيبتها إسرائيل وتعتبر أن المحرقة التي ارتكبتها ضد أطفال ونساء غزة دفاعا عن النفس ، أن تكون حكماً في قضايا حقوق الإنسان والاتجار بالبشر أو حتى فى أى شيىء يتصل بالأخلاق.؟
أنا لا أدافع عن أي بلد ولا أبرر أي اعتداء على حقوق الإنسان ولكن لا يجب أن تكون أمريكا أو غيرها كالذي قتل الحسين ثم راح يسأل هل دم البرغوت حلال أم حرام؟.
ما كان يسمى قديما بالقيم الأمريكية قد سحق بأحذية رموز أمريكا نفسها ولم يعد من حق وزارة خارجيتها أن تتحدث عن حقوق العمال الفقراء في الخليج ولا أن تتحدث عن اغتصاب العراقيات وحرقهن وتشريد الملايين بسبب حرب قال عنها مفكرو وكتاب أمريكا أنها شنت دون مبرر.
أمريكا لا تقف فقط عند فعل الشيىء المشين والتنديد بغيرها إن هو ارتكب نفس الفعل’ ولكنها هى نفسها تفعل الشيىء ونقيضه. فهى ينطبق عليها قول عالم النفس إريك إريكسون:” مهما حاول المرء التوصل إلى خاصية أمريكية حقيقية ،فسرعان ما يكتشف أن نقيضها أيضا خاصية أمريكية،فالكرم والأنانية على سبيل المثال هما خاصيتان أصيلتان لكنهما متناقضتان من الخصائص الأمريكية. وإذا كان صحيحا أن نقول أن طريقة أى مجتمع فى الحروب توضح طبيعته، فمن الواضح أن ضبط النفس ليس فضيلة أمريكية.
قد تدعى أمريكا أنها تجسيد لمثل بعينها للعالم- الحرية، والسعادة ، وإتاحة الفرص- لكنها اليوم بحاجة إلى إثبات ذلك مقارنة بدول أخرى.”
الولايات المتحدة التى تعبر عن قلقها من أجل العمال الأجانب فى الخليج أبادت أكثر من مائة مليون من الهنود الحمر ولا تزال تحبس الباقى منهم فى سجون تسميها محميات وتنتهك فيهم حقوق الإنسان  دون أن يتحدث أحد عن ذلك.