تصريحات وزير الداخلية

تصريحات وزير الداخلية

لا أدري لماذا قام البعض بتوظيف تصريحات وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة على النحو الذي رأيناه على صفحات الصحف إذ قاموا بتحميل هذه التصريحات أكثر مما تحتمل واعتقدوا أن ما قاله الوزير ردة كاملة عن التزام البحرين بتقنين مسألة التجنيس وردة عن الأطر التي تم وضعها من قبل لهذه المسألة.
بعض الكتاب اتخذوا هذه التصريحات مناسبة لإلحاق جميع الخطايا بالمجنسين على إطلاقهم بدرجة من التعميم تدعو إلى الفزع. واردٌ أن يظهر بعض المخالفين أو غير المنضبطين أمنيًّا من بين هؤلاء “المجنسين” وواردٌ أيضًا أن تراجع الوزارة بين فترة لأخرى الضوابط والأسس المتعلقة بمسألة التجنيس على أساس التجربة الماضية وما تمخضت عنه، وهذا أمرٌ جائز في كل شؤون الحياة وليس التجنيس وحده.
أنا شخصيًّا أرى أن تصريح الوزير هو إعادة تأكيد على التزام الوزارة بضوابط التجنيس المعروفة من قبل، وهي ضوابط لم يكن بها تفريط أو فوضى في عملية التجنيس، ولكن كل شيء محسوبٌ حسابه في هذا المسألة بما فيها مسألة سحب الجنسية ممن يثبت عدم استحقاقه لها.
قد يكون لدى وزارة الداخلية تفسيرٌ أفضل أو تفسير مختلف عن ما أكتبه في هذه الزاوية ولكن من وجهة نظري لا يعد تصريح الوزير اعترافًا كما قال أحدهم بخطأ التجنيس كليةً، ولا يعد اعترافًا كما وصفه كتاب معينون بأن المجنسين شرٌ خالص، فهناك حالات سلبية، وهو أمرٌ طبيعي، وهناك حالات إيجابية أكثر.
فلماذا توظيف التصريحات التي تفضل بها وزير الداخلية هذا التوظيف الضار؟ جميع دول العالم حدث ويحدث بها تجنيس ولا يقول قائل إن المجنسين طائفة ثالثة كما زعم أحد كتابنا، أو إنهم جميعًا قادمون من بؤر إرهاب.
نحن الذين نخلق الطوائف بأقلامنا، والأقلام التي استخدمت تصريحات الوزير مناسبة للهجوم على المجنسين بدرجة بها تعميم غير علمي هي المسؤول الأول عن خلق الطوائف لأن الإنسان “المجنس” منذ أن يحصل على الجنسية البحرينية يسمعونه ما لا يرضيه ليل نهار ويجعلونه يشعر أنه “الآخر” في هذا المجتمع، وبالتالي يتقوقع ضمن مجموعته الصغيرة التي يعرفها وتعرفه ويشعر معها بالأمان نتيجة لعدم تقبل الآخرين له ممن يتأثرون بالأقلام التي تصدر أحكامها مقدمًا.
الفرق بين ما يكتبون وبين تصريحات الوزير، أن تصريحات الوزير تتعامل مع المسألة بشكل علمي لأنها تصب في خانة المراجعة وضبط التجربة وليس الانقلاب عليها كما تصور البعض، أو بالأحرى كما حاول البعض أن يصورها.
الشيء الغريب أن يكون الإنسان صانعًا للطائفية ومحذرًا من خطرها في الوقت نفسه! فمن الذي قال أصلاً أن التجربة غير مقننة وغير قابلة للمراجعة على ضوء تطورات كثيرة قد تحدث في الداخل أو حتى في العالم الخارجي؟!
فقد تتم المراجعة بسبب شيء خارج البحرين نفسها في ضوء تطورات إقليمية أو عالمية يكون من شأنها التأثير على الأمن القومي للمملكة .أما أن يتصور البعض أن المسألة انقلاب كامل على ما سبق، فهذا تضليل من نوع جديد، ومحاولة جديدة للطعن في جميع المجنسين بتعميم مؤلم.