الخارجية ..وجحا وحماره!

الخارجية ..وجحا وحماره!

عندما أخذ البحرينيون الذين شاركوا في رحلة السفينة “روح الإنسانية “ إلى قطاع غزة قرارهم هذا ، فقد أخذوه بإرادتهم الحرة دون أن يستشيروا الدولة البحرينية ممثلة في أي وزارة من وزاراتها، ومن المؤكد أنهم كانوا يعلمون أن رحلة كهذه يمكن أن يكون لها ثمن ما، وقد يصل هذا الثمن إلى أن يفقد الإنسان حياته، ولكنهم اتخذوا قرارهم بكل شجاعة في هكذا مهمة ..
ولا يجب أيضاً أن ننسى أنه على الرغم من أن هؤلاء لم يكونوا في مهمة رسمية موكلة إليهم من الدولة البحرينية، ومع ذلك فالمواطن هو المواطن، عندما يتعرض لخطر ما ، تبذل الحكومة كل جهد ممكن لدرء هذا الخطر عنه دونما اعتبار للسبب الذي دفع بهذا المواطن إلى هذا الخطر.
 وسواء كان الدافع وراء مشاركة هؤلاء في تلك الرحلة إنسانياً أو انتخابيا ، أو أي شيء آخر، فقد تحركت أجهزة الدولة وعلى رأسها وزارة الخارجية منذ اللحظة الأولى لتحريرهم ورفع الضرر عنهم لأنهم أبناء البحرين.
ولكن الشيء الذي يدعو للتساؤل والحيرة هو موقف البعض من الكيفية التي تم بها إطلاق سراح من تم احتجازهم لدى الدولة الصهيونية ، حيث قوبلت جهود الخارجية البحرينية بتشكك لا محل له، خاصة ً في ظل السرعة التي أنجزت بها تلك المهمة . اعترض البعض على ذهاب مسئولين بحرينيين إلى (إسرائيل) لإنهاء المهمة وتسلم أبناء البحرين المحتجزين هناك، وكأنه كان من المفترض ان تقوم الخارجية البحرينية بإرسال فرقة كوماندوز ، أو فارس على جواد مجنح، ليقوم بخطف هؤلاء من المكان الذي احتجزوا فيه دون أن تراه عيون الدولة الصهيونية .
قالوا أن نزول الوفد البحريني في مطار “بن غوريون” والدخول إلى إسرائيل نوع من التطبيع، لا يمكن القبول به، وربما تدفعهم الشئون الانتخابية إلى أن يطلبوا من هذا الوفد أن يغسل قدميه سبع مرات إحداها بالتراب لأن هذه الأقدام وطأت أرض مطار “بن غوريون” !!
السؤال الذي نوجهه إلى هؤلاء هو:
ماذا لو أن السلطات البحرينية قد تأخرت في تحركها وتأخر إطلاق سراح البحرينيين المعتقلين؟ لاشك أنهم كانوا سيجدون سبباً آخر للتشكيك وإطلاق الاتهامات، وربما اتهموا السلطات البحرينية بأنها تقف ضد التضامن مع أهل غزة!
هذه المواقف تذكرني بحكاية طريفة من حكايات جحا: حيث كان جحا يركب حماره وابنه الصغير يسير إلى جواره، فلامه البعض لأنه يركب الحمار ويترك ابنه يمشي، فنزل جحا من على الحمار وأركب أبنه بدلاً منه، فتهكم آخرون لأنه يمشي ويترك الحمار للولد الصغير، ولم يجد جحا بداً ، فأنزل ابنه من على الحمار ومشى كلاهما إلى جوار الحمار، فضحك الناس على هذا المشهد ، فلم يبق أمام جحا إلا أن يقوم بحمل الحمار!