الإعلام وإستثمار الرعب

الإعلام وإستثمار الرعب

بثينه خليفه قاسم 

27 ديسمبر 2020

الإعلام واستثمار الرعب

منظمة الصحة العالمية تصدم العالم.. احذروا الوباء القادم هذه الجملة والتي قبلها قد انتشرتا بشكل كبير خلال اليومين الماضيين واستخدمت كل منهما عنوانا لنفس الخبر الذي يتعلق بتصريحات لمدير منظمة الصحة العالمية أدهانوم غيبريوس.

وعندما نقرأ بقية الخبر أو بالأحرى نقرأ تصريحات مدير منظمة الصحة العالمية نجد أن الخبر لا علاقة له بالعنوان على الاطلاق، فالعنوان مجرد جملة اجتزأت وانتزعت من سياقها من قبل محرر الخبر كنوع من الجذب الذي يعتمد على التخويف وبث الرعب حول فيروس كورونا الذي دمر أعصاب البشر.

وقد كان مضمون الخبر الذي فرضه صاحبه على الناس فرضا بالاستفادة من أجواء فيروس كورونا كالتالي :أن مدير منظمة الصحة العالمية يدعو الدول إلى الاستثمار في مجال الصحة لآن العالم عندما جاء فيروس كورونا لم يكن لديه استعداد لمواجهة هذه الجائحة التي سببت الكثير من الخسائر.

هذا هو سياق الخبر الذي جاء وسطه جملة قالها المتحدث وهي أن التاريخ يؤكد لنا أن هذا الوباء لن يكون الأخير، والهدف الواضح من وراء هذه الجملة هو جعل العالم يستعد للمستقبل. ولكن بالنسبة لمحرر الخبر كانت هذه الجملة الأخيرة هي الهدية التي التقطها لكي يقوم بتطيير هذا الخبر للدنيا كلها ويظهر للناس لأول وهلة أن الوباء الجديد ينتظرهم خلف الباب.

صحيح أن العنوان مهم لجذب القارئ ،وأن العنوان يكون سببا لدى الكثير من الناس لكي يتوقفوا أمام مادة دون أخرى في وسط هذا الفضاء الاعلامي الذي لا نهاية له، ولكن الأمر أصبح سيئا وغير أخلاقي فيما يتعلق بتغطية أخبار فيروس كورونا وما ينتج عنه من تداعيات.

العالم كله خائف إلى حد الرعب من هذا الفيروس القاتل ،وليس هناك ضرورة إلى زيادة جرعات التخويف التي يسقيها الاعلام للناس ليل نهار، والتي تضر أكثر مما تنفع.

لا ننفي أن التخويف مهم حتى يحذر الناس ولكن ليس إلى هذا الحد الذي يظهر وجود فجوة كبيرة بين ما يقوله العلم والطب وما يقوله الاعلام، خاصة وأن الاعلام يخاطب فئات ومستويات وثقافات متباينة.

هل ينكر أحد أن الاعلام كان له دور الأسبوع الماضي في إرباك العالم كله على خلفية تحور فيروس كورونا وظهور سلالات جديدة وجعل الدول تعلق الطيران مع بريطانيا وجنوب إفريقيا وجعل الناس يهرعون إلى ترك العاصمة البريطانية لندن إلى أماكن أخرى ،ثم بعد ذلك تبين أن الفيروس المتحور موجود في كل مكان .

زبدة القول :

العالم في حاجة إلى التوعية وليس إلى الرعب