وثيقة اللاعنف!

وثيقة اللاعنف!

هل قرأتم عن وثيقة اللاعنف التي احتفى بها البعض إعلاميا وبدأ الترويج لها وكأنها فلسفة ومنهج ثابت لمن أصبحت أيديهم ملطخة بدماء البحرينيين؟
في الوقت الذي وقعت فيه أحداث عنف في البحرين متمثلة في الانفجارات المتزامنة في عدة مناطق والتي قتلت وأصابت أبرياء وأعطت مؤشرا خطيرا حول تطور أساليب الإرهابيين وإصرارهم على هز استقرار البلاد، وجدنا من يطلقون على أنفسهم المعارضة يصدرون وثيقة يسمونها وثيقة اللاعنف!
فماذا تعني هذه الوثيقة في هذا التوقيت؟ وما هو الغرض منها؟ ومن بالضبط الذي يمارس العنف؟ ومن بالضبط الذي يطالب باللاعنف؟ وهل صاحب الصيحة الشهيرة “اسحقوهم” يطالب هو أيضا باللاعنف؟
شيء مضحك أن نجد لدينا من يريد أن يلبس ثياب المهاتما غاندي وينادي بفلسفته المعروفة تاريخيا، وهو الذي قتل رجال الشرطة ظلما وعدوانا وتسبب في قتل الأبرياء الآمنين!
لمن تتوجهون بهذه الوثيقة بالله عليكم وماذا تريدون من ورائها؟ هل تريدون أن تقوموا بوقف العنف الذي فجرتموه في البلاد؟ أم تريدون من الشرطة أن تتوقف عن مطاردة المخربين وتطلق أيديهم يفعلون ما يريدون؟
إذا كنتم تريدون أن تتوقفوا عن العنف، فهذا شيء لا يحتاج إلى إعلانات ووثائق تسربونها إلى وسائل الاعلام العالمية وتنالون عليها إشادة الخارجية الأميركية.
الحقيقة التي نفهمها من وراء هذا الاعلان الذي أطلقتموه في هذا التوقيت هو أنه مجرد تحرك إعلامي وسياسي يبين أن ما يحاك وينفذ حاليا ضد استقرار البحرين ليس مجرد “كلاش” سياسي عادي بين معارضة وحكومة، وليس مجرد مظاهرات فئوية، ولكنه عمل مخطط وله من يديره في الداخل والخارج.
الذي يراد من وراء هذا الاعلان الذي استقبلته الخارجية الأميركية بالترحيب وكأنها كانت تنتظره، بعد سلسلة التفجيرات التي وقعت، هو إطلاق دخان كثيف للتغطية على تفاصيل المشهد الحالي الذي فضح أهداف المخطط الخبيث من جديد، بعد أن استنكر العالم الإرهاب الذي وقع على أرض البحرين.
وثيقة اللاعنف هي لافتة كاذبة، وكلمة حق يراد بها باطل، وهي على هذا النحو تذكرني بتصريحات القادة العسكريين الإسرائيليين التي يطلقونها تعليقا على الصواريخ الكرتونية التي تطلق من غزة التي تقتل (الأبرياء) الإسرائيليين، وتحتم على هؤلاء القادة الانتقام لهؤلاء الأبرياء المساكين بقتل مئات الأطفال الفلسطينيين بالفسفور الأبيض.
هذه الوثيقة التي أعجبت الخارجية الأميركية فانبرت بسرعة لترحب بما ورد فيها، لا تبرهن إلا على براعة التحرك السياسي والإعلامي لأصحاب الحركة الطائفية البحرينية، ولا تعبر عن رغبة حقيقية في التحرك السلمي كما ذكر فيها.
نحن لا نحتاج إلى وثائق نتجمل بها إعلاميا ونخفي بها القبح الذي ارتسم على وجوهنا ونهرب من صورتنا الحقيقية إلى الصورة التي نريد ترويجها، ولكننا نحتاج إلى أن نطهر أنفسنا من الكراهية وأن نتوقف عن طعن الوطن والتشهير به في كل أركان الأرض.