وأين عقوبة الضابط الكبير؟

وأين عقوبة الضابط الكبير؟

في المجتمعات الذكورية، التي معظمها مجتمعات عربية، تجد العار الناتج عن أية علاقة بين رجل وامرأة يخص المرأة وحدها، أما الرجل فلا مجال للمساس بشرفه واعتباره مهما كان، رغم أن الأديان السماوية تساوي بين الاثنين في التهمة وفي العقوبة المترتبة.
صحيح أن القرآن الكريم في الآيات الخاصة بجريمة الزنا، قدم المرأة أولا، حيث قال، “والزانية والزاني،فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم مؤمنين”، ولكنه لم يعف الرجل من العقوبة ومن العار كما تفعل المجتمعات الذكورية.
الأسبوع الماضي تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي خبر إقالة وزيرة الشؤون الاجتماعية السورية، كندة الشماط، بعد أن كانت نفس المواقع قد قامت بنشر صورة لها مع أحد أعنف ضباط جيش النظام السوري،سهيل الحسن، الملقب بالنمر، والذي اشتهر بأعمال حرق وإبادة في مناطق عديدة.
وقالت الأخبار التي نشرت حول الصورة إن الوزيرة الشماط ظهرت وهي تحتضن الضابط الكبير قائد عمليات الجيش السوري في ادلب والغاب وحماه ودمشق وغيرها، وتبعت ذلك تعليقات، وجدل ساخر على مواقع التواصل الاجتماعي عكس مواقف الناس من النظام السوري في معظم الأحيان.
الرئيس السوري بشار الأسد ربما يكون قد شعر بالحرج بسبب الصورة التي أساءت لنظامه وجعلته مثار تهكم الكثيرين، فقام بإقالة الوزيرة من منصبها، ولكنه لم يفعل شيئا بخصوص الضابط الكبير الذي طوق الوزيرة بذراعه كما تبين الصورة، وليس كما تبين الأخبار!
فهل إقالة الوزيرة دون الضابط تؤدي إلى تطهير النظام السوري من أدرانه غير القابلة للتطهير أصلا؟ ولماذا لم تتم إقالة الضابط هو الآخر من منصبه، إذا كانت المسألة هي شرف النظام المصون؟ لا معنى لما نشر وما قيل إلا أن الذكورية تحكم كل شيء حتى هذه اللحظة في مجتمعاتنا العربية، فحتى صياغة الخبر حول هذه الحادثة صياغة ذكورية متحيزة، فالخبر يقول إن الوزيرة ظهرت وهي تحتضن الضابط، رغم أن الصورة تبين الضابط وهو يطوق الوزيرة بذراعه، فلماذا نسب الاحتضان للوزيرة هنا ولم ينسب للضابط؟
الإجابة هي ان العار يلحق بالمرأة دون الرجل في مثل هذه الأمور.
ملحوظة أخيرة: أنا لم اكتب هذا الكلام لكي أدافع عن الوزيرة السورية العزباء التي سمحت لضابط كبير أو صغير أن يحتضنها وتنتشر صورتها في كل مكان، ولا يجوز لي ولا لغيري الدفاع عنها إلا إذا كان الضابط قد احتضنها دون رضاها، ولكنني كتبت لكي أبين أن موقف المجتمع العربي من المرأة عموما موقف فيه قدر كبير من الظلم.
زبدة القول: إن إقالة جميع الوزراء أو حتى إقالة الرئيس السوري نفسه لم تعد تكفي لتطهير أي شيء في سوريا.