رأى العالم كله كيف تراجعت منظمة هيومان رايتس ووتش عن جزء من تقريرها حول فض اعتصام رابعة العدوية بعد الفضيحة التي تعرضت لها جراء تزويرها لشهادة مراسل نيوز ويك الأميركية.
هذا التراجع لم يتم لأن هذه المنظمة تتبع معايير علمية ومهنية في إعدادها للتقارير المتعلقة بحقوق الانسان،أو لأنها تمكنت بطريقة أو بأخرى من إثبات عدم دقة هذه الجزئية، ولكنها تريد في المقام الأول أن تدافع عن سمعتها التي أصبحت على المحكك بعد هذه الفضيحة.
ولو كانت المنظمة تريد الحقيقة المطلقة كما تدعي لأخضعت التقرير كله لعملية تدقيق وبشكل خاص شهادات آحاد الناس حيث تستند إليها في صياغتها لهذا التقرير الذي يتناول قضية تتعلق باستقرار بلد كبير مثل مصر، ولكنها لم ولن تفعل ذلك لأنها مجرد أداة سياسية تستخدم من قبل مموليها ومن قبل الدول الكبرى لخلق نقاط ضعف لكل الحكام الذين يريدون ترويضهم وجعلهم يحرصون على رضا هذه الدول ومصالحها أكثر من حرصهم على مصالح بلادهم نفسها.
هذا التقرير الفضيحة وغيره كثير يتضمن شهادات لمئات من البشر لم تدون أسماؤهم في التقرير لسبب أو لآخر، فكيف يتسنى للمنظمة المذكورة معرفة الصدق والكذب فيما قالوه، وكيف تفرق بين من يقولون الحقيقة وبين أصحاب الأجندات وأصحاب العداءات والساعين لتشويه بلادهم والذين يستخدمون من قبل دول ومؤسسات معينة لإنجاز التقرير بشكل معين يخدم أهدافا بعيدة كل البعد عن حقوق الانسان وعن الشعارات البراقة التي ترفعها هذه المنظمة وغيرها.
نحن لا نريد التشكيك في كل ما تقوم به هذه المنظمات الحقوقية ولا نريد محاربة هذه المنظمات وإيقاف نشاطها، ولكننا نريد أن نقول إنه رغم الشعارات المرفوعة، فهذه المنظمات ليست فوق الشبهات وليست بعيدة عن خطط وأهداف اللاعبين الكبار على الساحة الدولية.
ربما تقوم منظمة هيومان رايتس ووتش في الأيام القادمة بتبييض وجهها بإعلان ادانتها للعنف الذي مارسته السلطات الأمنية الأميركية ضد السود والذي تجلى في قيام شرطي بقتل رجل أسود وما صاحب ذلك من أعمال عنف وممارسات مسيئة من قبل الشرطة ضد الصحافيين ورجال الإعلام الأجانب وطردهم بعيدا عن الأحداث.
ولكن حتى لو حدث ذلك وأصدرت المنظمة تقريرا ضد التمييز العنصري في أميركا وضد التضييق على حرية الإعلام، فهذا لن يمحو العار الذي لحق بهذه المنظمة.