غدا يختار المصريون رئيسهم في أول انتخابات رئاسية حقيقية، ربما في تاريخ مصر كله، بعد عام ونصف العام من الثورة الشعبية التي أطاحت بنظام الرئيس حسني مبارك.
بعد فترة طويلة من الاستعداد والدعاية والتناوش بين التيارات السياسية المختلفة وبين المجلس العسكري الذي يدير شؤون البلاد منذ تنحي الرئيس السابق، لا يزال التكهن حول من الذي سيحكم مصر أمرا صعبا، بل مستحيلا، على الرغم من وصول حملات الدعاية إلى نهايتها وبدء الصمت الانتخابي انتظارا للحظة بدء التصويت.
استطلاعات الرأي التي تابعناها الفترة الماضية لم تعط مؤشرات نهائية حول تقدم مرشح بعينه بفارق معين،خاصة أن آخر استطلاعات أشارت إلى أن 33 بالمئة لم يحسموا أمرهم بعد حول المرشح الذي سيحصل على أصواتهم.
فهل سيستطيع الإخوان المسلمون حسم الأمور لصالح مرشحهم محمد مرسي كما حدث في انتخابات مجلس الشعب؟ أم أن العيوب التي كشفتها المرحلة الماضية قد ضربت شعبيتهم في مقتل، خاصة بعد أن تراجعوا عن وعدهم السابق بعدم تقديم مرشح عن الجماعة وعدم دعم أي مرشح إسلامي وفتحوا على أنفسهم أبواب النقد الشديد؟ أم سيحسمها الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح الذي انشق عن الجماعة وقرر الترشح للرئاسة منذ اللحظة الأولى لإعلان الجماعة عدم تقديم مرشح عنها للانتخابات الرئاسية، وحقق شعبية كبيرة، خاصة بين أوساط المثقفين الذين رأوا فيه مرشحا مستنيرا ورأوا أن موقف جماعة الإخوان منه موقف ظالم بعد أن قضى عمره في خدمة الدعوة وتحمل عناء السجن والتنكيل واستحق أن يوصف بأنه المؤسس الثاني لجماعة الإخوان بعد الإمام الشهيد حسن البنا.
أم سيحسمها عمرو موسى رجل الدولة الذي ارتفعت شعبيته في المرحلة الأخيرة بسبب اهتزاز الثقة في الإخوان المسلمين وسوء إدارتهم للمرحلة الماضية وجعل الكثيرون يخشون من انفراد فصيل واحد بكل السلطات في البلاد، ورأوا في عمرو موسى الخبرة السياسية اللازمة للمرور بالبلاد من أزمتها.
أم ستكون لنصير الفقراء أشهر الناصرين المصريين في السنوات الماضية، السيد حمدين صباحي، رجل الثورة الذي كان واضحا دوما في معارضته لنظام مبارك والتنديد بالفساد وبالزواج بين رأس المال والسلطة.
أم ستكون المفاجأة ويفوز بالكرسي رجل من رجال مبارك، هو الفريق أحمد شفيق الذي تولى رئاسة الوزراء قبل تنحيه بأيام، خاصة أن الكثير من المصريين يرون في شفيق أقدر شخص على إعادة الأمن الذي فقدوه والقضاء على البلطجة والانفلات الذي لم يسبق له مثيل.
ومن وجهة نظري، ليس المهم حاليا من الذي سيحكم مصر، فأي مرشح ينال هذا الشرف سوف يقاتل خلال السنوات الأربع القادمة من أجل تحقيق آمال الجماهير المصرية، رغم التركة الثقيلة، اقتصاديا واجتماعيا،وخارجيا، ولكن السؤال المهم: هل ستهدأ مصر ويتقبل الخاسرون خسارتهم ويتعاملون بمسؤولية واحترام لخيار الشعب؟ أم أن الانتخابات الرئاسية ستكون بداية لحلقة جديدة من عدم الاستقرار، خاصة أن هناك قوى سياسية كبيرة ترفض الهزيمة مقدما وتهدد بثورة ثانية إن أتت الصناديق بغيرهم.
كل التمنيات الطيبة لمصر وأهلها.