من الذي يريد أن يحرق مصر؟

من الذي يريد أن يحرق مصر؟

من الذي يريد أن يحرق مصر؟ سؤال تحتمه الأحداث المؤسفة التي تجري حاليا أمام مقر مجلس الوزراء المصري وغيره من المواقع القريبة، ولكنه يبقى بلا جواب شاف.
ليس هؤلاء هم أبناء مصر، ليس هؤلاء هم الشباب الذي حموا بأجسادهم المتحف المصري وفضلوا الموت على ترك تاريخ مصر وتراثها يضيع، ليس هؤلاء هم الذين كانوا جنودا يحمون المال والعرض والممتكلات يوم غابت الشرطة وفرطت في أمن البلاد، ليس هؤلاء هم الذين قال لهم أحمد فؤاد نجم: “صباح الخير ع الورد اللي فتح في جناين مصر”، الذين أحرقوا كنوز مصر ودمروا أمهات الكتب ليسوا أبناء مصر وليسوا جنودها الأوفياء، الذين أحرقوا المجمع العلمي المصري هم نبت شيطاني باع نفسه للشيطان وباع بلده بأبخس الأثمان لمن لا يريدون لمصر أن تعود.
إذا كانت الانتخابات البرلمانية تجري بهدوء وسط تقدير واحترام العالم الذي شهد بنزاهتها، فماذا يريد الذين يتظاهرون ويتحرشون بالجيش الذي حمى مصر من السقوط في دوامة العنف والتفكك؟
لا يمكن لعاقل أن يصدق أن ما يجري أمام مجلس الوزراء في مصر هو من أجل تسليم السلطة إلى سلطة مدنية، فكيف يتم تسليم السلطة بدون انتخابات، ومن الذي سيسلم السلطة لمن؟وماذا بوسع المجلس العسكري أن يفعل حاليا سوى أن يعطي الصلاحيات الكاملة لرجل له خبرته وقبوله لدى القطاع الأكبر من المصريين كالدكتور كمال الجنزوري، ليمر بالبلاد حتى تتم الانتخابات ويتم تسليم السلطة؟هل هناك آلية أخرى غير الانتخابات يمكن أن تحدد السلطة القادمة التي سيقوم المجلس العسكري بتسليمها السلطة؟
إنني لا أستبعد وجود مؤامرة كبيرة لاسقاط مصر كلها والقضاء عليها، ولا أستبعد دخول ملايين الدولارات إلى مصر لتنفيذ هذا المخطط الحقير، خاصة وأن هناك تناغم بين تصريحات تصدر هنا وهناك تنتقد تعامل أجهزة الأمن المصرية مع هؤلاء (المتظاهرين) وتطالب باحترام حرية التعبير.
ويبدو أن حرية التعبير أصبحت كلمة مطاطة وأنها لتصبح من كلمات الحق التي يراد بها باطل، فحرية التعبير التي تستخدم لتبرير ما يجري في شوارع مصر حاليا ليست الكلمة المناسبة على الإطلاق. فما معنى التخريب وما معنى الحرق وما معنى التآمر، إذا كان اقتحام مجلس الوزراء عند الفجر يندرج تحت حرية التعبير؟ وما فائدة أجهزة الأمن إذا لم تنجح في منع الذين أقدموا على ذلك؟
هل حرية التعبير تسمح بحرق التراث العلمي الموجود داخل المجمع العلمي؟ أين هي السلمية التي يتحدثون عنها؟
وإلى متى سيظل الغرب يتعامل مع ما يجري في العالم العربي بهذه السطحية وبهذه النظرة النمطية؟
ليس هذا الكلام دفاعا عن طرف معين في مصر، وليس دفاعا عن ممارسات حكومية، فالنظام المصري السابق ذهب إلى غير رجعة، والنظام الجديد لم يولد بعد ولا تزال مصر في حالة المخاض، ولكننا نشعر بالخطر على مستقبل هذا البلد الذي نحبه ونبكي بسبب ما يجري فيه حاليا. فليت العقلاء والمخلصين تكون لهم الغلبة وينجون بمصر إلى بر الأمان.