إن لم يكن الإخلاص للوطن والمحافظة على تماسكه وإعلاء شأنه على ما سواه هو ما تريده جميع الأطراف فلن نستطيع إجراء حوار ناجح، وإن لم يكن توافق الآراء واحترام أفكار ومطالب الجميع هو الفكر الحاكم لسلوكنا جميعا فلن يؤتي الحوار ثماره.
البحرين لكل أهلها ولكل من يحملون جنسيتها، وليست لفريق أو فريقين، ولا يمكن أن تكون الغلبة فيها للأعلى صوتا الذي يستطيع أن يؤزم الأمور ويعكر الأمن كلما أراد.
لابد أن يأتي للحوار كل من دعي إليه، ومن سيرفض الجلوس على مائدة الحوار أو من يضع شروطا مسبقة للمشاركة في الحوار هو إنسان لا يضمر خيرا للبحرين ولا يريد لها أن تتقدم ولا يريد لأجيالها القادمة ان تنشأ في أمان.
الذي يرفض الحوار، لأي سبب، الذي يضع للحوار شروطا مسبقة، هو إنسان غير سياسي، لأن السياسة تقتضي أن يحصل الإنسان من المكاسب بقدر ما يستطيع، ثم يستعد لمرحلة قادمة يطلب خلالها شيئا جديدا فتتراكم الإصلاحات عاما بعد عام، حتى نصل إلى المستوى الذي نريد أو إلى المستوى المعقول، أما الإصرار على كل المطالب مرة واحدة أو الانسحاب أو التهديد بالعنف، فهو أنجح وصفة لما يسمى بالانتحار السياسي.
المطلب الذي لا يمكننا الحصول عليه بالحوار لن نستطيع الحصول عليه بالعنف والتخريب، خاصة في بلد كالبحرين، لأن العنف سيتم التصدي له بما يناسبه من القوة، وتكون الخسارة في النهاية للذين قاطعوا الحوار أو انسحبوا منه أو رفضوه بالكلية، لأنهم رفضوا الفرصة التي قدمت لهم وفضلوا العنف.
العالم ينظر للبحرين حاليا وينتظر هل سيتم الحوار أم لا، وهل سينجح أبناء البحرين الأوفياء في المرور ببلدهم من هذا المنحنى، أم أنهم سيفتحون الطريق أمام الراغبين في محو الدولة البحرينية من على الخريطة.
بعد أن علمنا جميعا أن مؤامرة حيكت ضد وجود بلدنا، هل نتحمل المسؤولية كاملة أم سنظل نتناحر ونقف أمام مطالب لا تساوي شيئا إذا تعرضت البلاد لمكروه لا قدر الله؟
الذين يفتحون آذانهم لإغراءات الخارج ووعوده لن يحصلوا على شيء، لأن الخارج يسعى إلى إشعال البحرين ولا شيء سوى ذلك مهما أعلن من شعارات وتحدث عن حقوق، وكثير من الدول التي تدس أنفها في الشأن البحريني، تتحدث عن حقوق لم تمنحها هي نفسها لمواطنيها.
إذا حقق لنا الحوار خمسين بالمئة من مطالبنا أو حتى خمسة وعشرين بالمئة، فهذا مكسب وليس خسارة،ويمكن لنا مسقبلا أن نستزيد، طالما أننا أبقينا على الوطن وتلاحمه، ولكن الخسارة الكبرى ستكون في ضياع تلاحمنا وانقسامنا الذي هو ضياع للوطن نفسه، وإذا ضاع الوطن نفسه فلن يحصل أحد على شيء!