خلال الأيام الماضية أثيرت حساسيات معينة حيال ما نشر عن تقارب مصري إيراني وعن عودة العلاقات المصرية الإيرانية، وصدرت تصريحات هنا وهناك وتردد أيضا في المقابل أن دولة الإمارات العربية المتحدة بدأت تتخذ موقفا من المصريين العاملين فيها وقام رئيس الوزراء المصري بجولة خليجية، ربما لهذا السبب.
وعبر الأمير طلال بن عبدالعزيز، رئيس المجلس العربي للطفولة والتنمية، عن انزعاجه من تصريحات بعض المسؤولين فى مصر عن عودة العلاقات بين مصر وإيران، قائلاً إنه “لا يوجد داع لهذه العجلة، فإيران دولة إسلامية. ولكن هناك بعض الفلتات التي تحدث هنا وهناك، ولا أفهم لماذا هذا التسرع”. مشيراً إلى اطمئنانه الشخصي بعد تصريح الدكتور عصام شرف، رئيس الوزراء المصري خلال جولته الخليجية الأسبوع الماضي، بأن العلاقات (خط أحمر) بالنسبة للأمن القومي الخليجي”.
من حق دول الخليج العربي أن تقلق من أي تقارب يحدث بين مصر وإيران، خاصة أنه ليس هناك ما يدعو للتعجل ببناء علاقات مع إيران دون شروط، والأولى بمصر أن تتعجل ببناء وتمتين العلاقات مع محيطها العربي وأن تعود كما كانت على مر التاريخ قلب العروبة النابض.
إيران دولة لا تخفي أطماعها في منطقة الخليج العربي، وأثبتت مواقف عديدة أنها ليست حسنة النية في التعامل مع جيرانها، ولابد أن تقدر السياسة الخارجية المصرية مدى الحساسية الموجودة لدى شعوب وحكومات الخليج العربي.
فها نحن أمام فلتة جديدة من فلتات إيران – كما وصفها الأمير طلال – قد وقعت عقب انتهاء زيارة رئيس الوزراء المصري للخليج العربي مباشرة، ألا وهي فلتة الجنرال الفيروزأبادي المستفزة، التي تعد تدخلا سافرا في شؤون جميع دول الخليج العربي، وتبرز الوجه الحقيقي لإيران ونواياها السيئة تجاه جيرانها بعد أن توعد هذا “الفيروز أبادي” بأن يبقي الخليج العربي تحت السيطرة الإيرانية إلي الأبد.
هذا ليس تدخلا في الشأن المصري، فمن حق مصر أن تبني علاقات مع أي دولة في العالم، بالإضافة إلى أن العلاقات الدبلوماسية الكاملة لا تعني التقارب ولا تعني أن مصر ستبتعد عن محيطها العربي، ولا تعني أيضا أنها ستضحي بأي ثوابت فيما يتعلق بالأمن القومي لدول الخليج العربي، ولكننا أردنا توصيل رسالة إلى الدكتور عصام شرف وإلى الخارجية المصرية بأن يراعوا الحساسيات التي لدينا تجاه إيران واستفزازاتها المستمرة وتدخلها المتكرر في شؤوننا وتورطها في اضطرابات البحرين والكويت واليمن ولبنان.
نحن نثق تماما أن مصر العربية، التي وقفت إلى جانب عروبة البحرين في سبعينات القرن الماضي، ستكون حريصة على الأمن القومي لدول الخليج العربي بنفس الدرجة التي تحرص بها على أمنها القومي، لأن الأمن القومي المصري يبدأ من الخليج العربي.