مستقبل ليبيا بعد القذافي

مستقبل ليبيا بعد القذافي

بسقوط القذافي عاشت ليبيا لحظة سعادة غامرة، وأعلن المجلس الوطني الليبي تحرير ليبيا، وأقيمت الأفراح في الداخل والخارج، وبعد قليل تنتهي لحظة الاحتفال، ويبدأ الليبيون في النظر إلى الأمام ويبدأون في صياغة مستقبل بلدهم بعد سنوات من التأخر عن ركب التقدم في كافة المجالات، فهل سينجح الليبيون في الاتفاق على صيغة واحدة لمستقبلهم السياسي ويواجهون التحديات التي تنتظرهم؟ أم أن توقعات بعض المحللين ستتحقق حول الأخطار التي تتهدد وحدة التراب الليبي، وبالتالي تذهب دماء الشهداء دون جدوى.
لكي ينجح الليبيون في الحفاظ على وحدة ترابهم لابد أن يتفق الذين شاركوا في إزاحة نظام القذافي على هدف واحد، لأن تشرذمهم لا قدر الله سيكون الطامة الكبرى لأنهم جميعا مسلحون تسليحا جيدا، ولأن الثوار يضمون جماعات لها مطالب ولها أجندات ولأنهم يدركون أن هذه اللحظة هي لحظة تاريخية لن تتكرر وبالتالي لابد من الامساك بتلابيبها لتحقيق الأحلام.
الخوف كل الخوف سيكون من الانشقاق بين القوى الثورية التي اتحدت ضد عدو واحد هو الرئيس الراحل معمر القذافي، ولكنها يمكن ألا تتفق على مستقبل واحد.
وحتى إذا توحدت القوى الثورية على هدف واحد، فإن الأمر لن يكون بالسهولة التي حدثت في تونس وفي مصر، خاصة وأن الجيش الليبي قد تم تدميره بواسطة حلف الناتو وبواسطة الثوار الليبيين، وأنه سوف يحتاج إلى بناء جديد من الصفر، على العكس من مصر وتونس حيث رحل الرئيس وبقي الجيش وبقي الهيكل الاداري للدولة.
إلى جانب أن الشعب الليبي كله يحمل السلاح تقريبا، وهذه مسألة تحتاج إلى جهد ووقت لكي يتم تجميع هذا السلاح وتحتاج إلى تعاون تام من قبل جميع القبائل الليبية، ولن يتحقق هذا التعاون إلا إذا شعرت كل القبائل أنها أصبحت أحسن حالا بعد إزاحة القذافي.
وبناء عليه فأول شيء ينبغي القيام به من قبل المجلس الوطني الليبي هو بناء الجيش الليبي من جميع القبائل حتى يتسنى تجميع الدولة الليبية من جديد، لأن النظام القبلي في ليبيا ربما يكون الشيء الأخطر وربما يكون عقبة كبيرة في سبيل السعي للحفاظ على وحدة الدولة الليبية، خاصة إذا حدث لا قدر الله عدم توافق حول صياغة المرحلة القادمة، ومن المهم جدا احتواء القبائل المؤيدة للرئيس معمر القذافي لأنها يمكن أن تشكل خطرا كبيرا على وحدة الأراضي الليبية خلال المرحلة القادمة.
والخلاصة أن الحكومة الليبية القادمة عليها عبء كبير وأمامها تحديات كبيرة، فإما أن تقنع الشعب الليبي أن هناك جديد في ليبيا وأن التغيير الحقيقي قد بدأ وإلا فسوف تكون النهاية بالنسبة لليبيا الموحدة، خاصة وأن القيود قد انفكت وان التظاهر سيصبح ثقافة وأداة خلال سنوات قادمة.