الكويت منعت كتبا لـ35 كاتبا ومثقفا مصريا من المشاركة في معرض الكويت الدولي للكتاب من بينهم أشهر وأعظم الكتاب المصريين مثل جمال الغيطاني وجلال أمين وعبدالوهاب المسيري وحسن حنفي ومحمد حسنين هيكل وجابر عصفور، وغيرهم. والجزائر منعت مشاركة أي كتب مصرية في معرضها للكتاب. فما هذا الذي يجري في عالم الثقافة العربية؟
اتحاد الكتاب المصريين أعلن إدانته لهذين القرارين، وأعرب في بيان له، أمس الأول، دهشته من القرار لأن «المنع يتم في حق كتاب ومثقفين، وليس إرهابيين أو جواسيس أو أعضاء في عصابات الجريمة المنظمة”.
اتحاد الكتاب المصريين من حقه أن يندهش مما حدث، فلا يوجد تبرير مقبول لهذين القرارين الموجهين ضد الثقافة العربية بشكل عام.
صحيح أن القرار الكويتي أخف وطأة من القرار الجزائري فهو موقف اتخذ ضد عدد من الكتاب وليس موقف موجه ضد دولة شقيقة، وربما كان في القرار الكويتي مجاملة للحكومة المصرية، وهذا أمر يحدث في العالم العربي كله وليس في الكويت وحدها، وليست هذه هي المرة الأولى التي تمنع فيها كتب عربية من المشاركة في معرض كتاب عربي، ولكن السؤال الذي يحتاج إلى إجابة، هو: هل قامت مصر نفسها بمنع كتب هؤلاء المثقفين من المشاركة في معرض القاهرة الدولي للكتاب؟ أعتقد لا. بل ان كتب هؤلاء تباع في كل مكان في مصر.
ربما في الأمر مجاملة سياسية من الوزير الكويتي للحكومة المصرية، ولكن الأمر بالنسبة للجزائر مختلف تماما، لأن السبب هو كرة القدم، سيدة هذا العصر التي تتبعها السياسة وتتبعها الثقافة أيضا، وأخشى أن تتسيد على البحث العلمي في المستقبل القريب، وإنا لله وإنا إليه راجعون. لقد أصبح المسؤولون الجزائريون يتعاملون مع الأحداث الكروية المصرية الجزائرية التي وقعت قبل أشهر وكأنها أحداث الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، حيث التاريخ بعدها لابد أن يكون مختلفا عن التاريخ قبلها.
عندما قرأت هذه الأخبار المزعجة، تذكرت المصطلح الذي نحته الإعلامي المصري مفيد فوزي وهو مصطلح “تسييد كرة القدم”، فلقد تسيدت الكرة بلا منازع، والدليل على ذلك أنها دفعت بالصفوة في الجزائر إلى اتخاذ هذا القرار العجيب، فبدلا من أن يتولى المثقفون إصلاح الجماهير الكروية المتعصبة، وقع المثقفون ضحية لهذه الجماهير، وبدلا من أن تقوم الثقافة بدورها في احتواء الجهل والتعصب، أنشب الجهل والتعصب أظافرهما في رقبة الثقافة، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
الشيء الأشد عجبا في مسألة منع كتب بعينها أو كتاب بعينهم هو أن هذا المنع يؤدي إلى عكس المطلوب، فالجماهير تزداد تعاطفا مع أصحاب الكتب الممنوعة، ناهيك عن أن الانترنت والمكتبات الالكترونية بضغطة زر تسدي لك ما كنت به جاهلا وتأتيك بأخبار ما لم تعلم، وأن “شركات البيع عبر الإنترنت تجلب لك النوق العصافير دون أن تحارب جيش ملك الحيرة النعمان بن المنذر كما فعل عنترة بن شداد العبسي” حسب تعبير أحد كتاب الكويت خلال اعتراضه على منع كتب المثقفين المصريين.
والعجيب ان دولا داعمة لإسرائيل كارهة للعرب والمسلمين لم يمنع لها كتاب واحد من المشاركة. وللمرة الثالثة: إنا لله وإنا إليه راجعون.