بثينه خليفه قاسم
1 مايو 2019
ماذا بعد سقوط الكيزان؟
عند بدء كتابة هذه الكلمات كان مئات الآلاف من السودانيين يحتشدون في الخرطوم أمام وزارة الدفاع مطالبين بنقل السلطة الى هيئة مدنية بعد أن تحقق لهم ما أرادوه في إسقاط نظام البشير أو اسقاط حكم الكيزان.
وكما أثبتت التجربة في الدول العربية التي سبقت السودان في إسقاط أنظمتها فإن عملية إسقاط النظام هي العملية الأسهل والأسرع ،فما أسهل الهدم ،خاصة عندما يكون الجميع متفقين على ذلك ،ولكن الصعوبة تكون في عملية إعادة البناء عندما تذهب السكرة وتأتي الفكرة .
وكما قال أحد المشايخ فآفة الثوار أن يظلوا ثائرين،ومعنى ذلك أن بقاء الثوار على ثورتهم طوال الوقت يمكن أن يأتي بأثار سلبية لأن ذلك يصعب الأمور على الذين يقومون بإدارة المرحلة الانتقالية ويضعهم تحت ضغط مستمر فتتولد أخطاء وتتولد قرارات متعجلة بفعل حالة الضغط الموجودة .
ليس معنى كلامي أن يتخلى السودانيون عن مطالبهم في تشكيل حكومة مدنية لبلادهم ،فهذا حقهم ،ولكل شعب الحرية في تقرير مصير بلاده .ولكن ما نريده هو عدم تعجل الأمور حتى لا ينتج عن هذا التعجل وهذا الضغط نتائج سلبية تكلف السودان اقتصاديا وتضع أي حكومة قادمة في مأزق وتجعل منصب الرئاسة في السودان منصبا مخيفا ،لأن صاحبه سيكون حتما ضحية لأوضاع اقتصادية لن يستطيع أن يفعل شيئا تجاهها وأحلاما رومنسية يعتقد أصحابها أنها ستتحقق بمجرد سقوط النظام .
فاسقاط النظام في مخيلة الكثيرين من أبناء شعب عاش القهر والظلم هو آخر شيء يمنعهم من الدخول إلى مملكة اليوتوبيا التي تتحقق فيها كل الأحلام وتزول كل المظالم .
ولكن هذا ليس صحيحا، على الأقل في دول لديها اقتصاد على حافة الانهيار ولديها خزائن فارغة من النقد الأجنبي .النظام يسقط بسرعة لأن كل الأطراف تجتمع على إسقاطه وترى في ذلك مصلحة لها،ولكن إقامة نظام جديد لا تنال اتفاق الجميع عندما يتعلق الأمر بالتفاصيل والمصالح والمطامع الشخصية .
بعد سقوط النظام تظهر الفصائل والجماعات وتظهر المطالب الفئوية والمصالح الجهوية ويظهر أصحاب المصالح إقليميا وعالميا وكل يحاول تحقيق انتصار على غيره فيدخل المال الأجنبي وقد يدخل السلاح في مرحلة لاحقة .الصعوبة اذن تكمن في صعوبة الاتفاق على صياغة المرحلة التي تتلو سقوط النظام.
فان استطاع السودانيون أن يضعوا السودان بين أعينهم وان يتعالوا على كل ماعدا ذلك وأن يصموا اذانهم عن سماع الدعوات والنداءات التي يراد بها باطل والتي تريد نشر الفوضى في السودان كما نشر في غيرها ،فسوف يضرب السودانيون مثلا رائعا وسوف تتحقق أحلام الكبار والصغار .
المجلس العسكري ليس عدوا ،ولا يجب أن يأخذه السودانيون عدوا ،فهو مجلس مكون من سودانيين وليس دولة احتلال ويعنيه أن يمر السودان بسلام من هذه المرحلة .
يجب على السودانيين اذن أن يعملوا معه لا أن يعملوا ضده ،فالمجلس العسكري ،حتى وان كان رجاله معينون بقرار من البشير ،الا أنهم يملكون من الآليات ومن القوة ما يجعلهم قادرين على حماية الدولة السودانية وحماية الشعب من الفوضى وانهيار الأمن والسلام في ربوع البلاد .
كل التمنيات الطيبة للشعب السوداني الشقيق.