رجال الشرطة في أي دولة من الدول يمثلون القانون والنظام ومن واجبهم فرض النظام وتنفيذ القانون بكل السبل التي خولها لهم هذا القانون، ومن يقاوم الشرطة أو يسعى للاعتداء على أفرادها أثناء تنفيذ مهامهم هو إنسان خارج على القانون وليس له حرمة أو احترام، لأنه ضرب عرض الحائط بما ارتضاه المجتمع بأكمله.
صحيح أن رجال الشرطة ليسوا أنبياء ولكنهم بشر مثلنا يصيبون ويخطئون، ولكن ليس لأحد أن يعاقبهم أو يدعو إلى عقابهم خارج إطار القانون الذي يحكمنا جميعا، فإذا أخطأوا أو تعمدوا خرق القانون يصبحون عرضة لهذا القانون وينالون العقاب المقرر في ظله وليس ما يقرره آحاد الناس مهما كانت مكانتهم في المجتمع.
والذي يعنينا هنا هو موقف هيئة الشرطة وقياداتها من الذي يرتكب شيئا ضد القانون من أي من المنتسبين لها.
بمعنى أنها إذا تيقنت بوسيلة أو بأخرى بأن أحد أفرادها قد خرق القانون، فلابد أن تتخذ الإجراءات القانونية ضده ولا تتهاون مع كائن من كان.
وبناء عليه يكون من حقنا كمواطنين أن نسعى لاثبات أي انتهاكات يمارسها أي فرد من الشرطة ضدنا ونسعى لمعاقبته بالسبل القانونية عن طريق المحاكم وجهات الاختصاص وليس عن أي طريق آخر.
أما أن يقوم أحدنا بدور القاضي والجلاد ويبرر لنفسه التصرف بشكل مباشر ضد أحدث جندي في صفوف الشرطة- حتى وإن كان هذا الجندي قد أخطأ -، فهذا قمة التخلف والهمجية ولو ارتضيناه لأنفسنا لتحولنا إلى غابة وليس دولة لها قانون ونظام.
وعندما يقوم شيخ من على منبر الجمعة بدعوة الناس للاعتداء على رجال الشرطة، فهذه كارثة عظمى وعمل لا يليق بصاحبه ولا بالمنبر ولا بالمسجد لأنه يمثل دعوة للخراب وللتمرد على قوانين الدولة وإهانة النظام والقانون فيها ونتيجة ذلك معروفة للجميع.
يبدو أن الشيخ قد نسي أنه واقف فوق المنبر وهو يقول هذا الكلام، ونسي أن الدعوة إلى القتل وامتهان أرواح الناس يتبناها رؤساء العصابات الاجرامية وليس خطباء الجمعة.
هل من الأمانة ومن الدين أن يستغل الانسان ثقة الناس فيه ويستغل مكانته الدينية لديهم في تضليلهم، ويستغل قداسة ومكانة خطبة الجمعة في تمرير مخططات الفتنة والخراب إلى البلاد.
المنابر للحكمة والموعظة الحسنة وزرع قيم التسامح والوئام ولم تكن أبدا مكانا للدعوة للقتل ولإهدار دم البشر دون جريرة.
ليت الشيخ يبين لنا ما هو السند والأساس الديني الذي استند إليه عندما أصدر هذه الفتاوى العجيبة التي يهدر فيها دماء أناس يسهرون لكي ينام هو؟