كلما مر حادث إرهابي من الأحداث الحقيرة التي تسعى إلى إشعال الحرب الطائفية في جميع الدول العربية،قلت لنفسي إنه ربما يكون الحادث الأخير وإن الأجهزة الأمنية هنا وهناك ستتمكن من قهر الإرهاب ودحره،ولكننا نتفاجأ مجددا بحادث جديد له نفس الغاية أي إشعال الحرب الطائفية.
حتى درجات الوعي المتصاعدة لدى الشعوب العربية بطوائفها المختلفة تبدو عاجزة حتى اللحظة عن عمل شيء في مواجهة هذه الأعمال الشريرة، فالكبير والصغير والمثقف والشخص البسيط باتوا على قناعة بأن الأمة تجر نحو هلاكها، ومع ذلك لا يمكنهم عمل شيء محدد تجاه ما يجري، وكأننا جميعا نساق بإرادة قوة جبارة نحو ما لا نريده.
لا أحد سوى المأجورين العملاء يريد أن يسير في طريق الحرب الطائفية، لأن الجميع يدرك معنى أن تبدأ الحرب الطائفية، وقد يستطيع البعض أن يسجل لحظة بداية هذه الحرب ولكنهم لن يستطيعوا أبدا معرفة نهايتها، لأنها لا تنتهي تقريبا، ولكن من ينتهي أطراف هذه الحرب.
الحرب الطائفية هي حرب سرية تمارسها قوى مختلفة لتحقيق أهدافها في تفتيت المنطقة العربية ورسم خريطتها من جديد، ونحن جميعا واعون بهذا الأمر ولكننا نسير كأننا منومون مغناطيسيا نحو قدرنا المحتوم.
الولايات المتحدة أرادت من ثورات الربيع العربي أن تكون أداة لتفتيت الدول إلى طوائف متناحرة ينتهي أمرها إلى دويلات صغيرة ضعيفة، وإيران انتظرت أن تؤدي هذه الثورات إلى إنتاج “إيرانات” متعددة في المنطقة، على اعتبار أن الثورة الإيرانية هي الثورة الأم التي أنجبت هذه الثورات.
الفرق بين أميركا وإيران هو أن الأولى دمرت مقدرات العراق وسلمته على طبق من فضة لإيران، ثم قامت بنفس الطريقة بإشعال الثورات الطائفية وملء المنطقة بالجماعات الإرهابية لتقسيمها طائفيا ومساعدة إيران في توليد “الإيرانات” الجديدة التي تريد استنساخها في بلاد العرب.
فهل أمام هذا الوضع وأمام ملايين الدولارات التي تنفق من أجل تدشين الحرب الطائفية في بلادنا، يمكن للوعي المتصاعد للشعوب العربية ان يفعل شيئا في مواجهة هذا التجبر وهذا الإصرار على تنفيذ حروب الجيل الرابع في بلادنا؟ هل يستطيع الوعي أن يهزم خطط أجهزة الاستخبارات وملايينها التي تستخدمها في هذه الحرب السرية التي تنحر الأمة كلها، أم ستأتي لحظة اندلاع الحريق الكبير لا قدر الله؟.