الذي يريد أن يقيس درجة حرارة سياسة العالم عليه أن ينظر إلى لبنان ، فهوأشبه ما يكون بترمومتر يبين درجة هذه الحرارة ويبين إلى أي مدى وصل الصراع ووصلت سياسات تكسير العظام والرقاب بين القوى العالمية والقوى الإقليمية .
الكل موجود هناك وبقوة ليس فقط خلال مرحلة الاستعداد للانتخابات ولكن بشكل دائم ، صحيح أن هذه المرحلة تبرز ملامح الصورة بشكل أكبر وأوضح،ولكن مكونات هذه الصورة موجودة بشكل دائم ولن يتغير إلا إذا تغير العالم كله
ويكفي أن نتفحص مشاهد عشرة أيام مضت لكي نتحقق من أن لبنان – ذلك البلد الجميل أصلاً في كل شيء ، في الجغرافيا وفي الفن وفي الثقافة والأدب – هو المكان الذي قدر له أن يكون مسرحاً يتم التعبير فيه عن كل قبح العالم وصراعاته.
أبرز مشاهد الأيام الماضية تصريح مفاجئ للشيخ حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله الذي افتخر فيه بأن اليوم الذي احتل فيه الحزب بيروت ووجه سلاحه إلى صدور اللبنانيين هو يوم مجيد في تاريخ المقاومة ، حسب رؤية سماحته ، وهو مشهد رأي فيه أنصار الشيخ في الداخل والخارج شجاعة نادرة واعتبروا أنه أفحم الذين يعتبرون ذلك اليوم بقعة سوداء في ثوب المقاومة لا يمكن محوها .
أما المشهد الثاني ، فهو زيارة نائب الرئيس الأمريكي لبيروت سعياً لإحداث نوع من التوازن أو التفوق على وكلاء إيران هناك. وقد أعلن الزائر الأمريكي صراحة أن المساعدات التي تقدمها أمريكا للبنان ستكون مرهونة برضا بلاده عن الحكومة التي سيتم تشكيلها ، وهو أمر لا يحتاج إلى شرح كبير ،فالرسالة واضحة لإيران ورجالها : “لن تكونوا هنا وحدكم أبداً” .
أما المشهد الثالث فهو قنبلة الرابع عشر من آذار الذي أعلن عن حجم المبالغ التي تنفقها إيران على آلاف الشخصيات في لبنان، وتحديد الميادين التي تنفق فيها وشرائح الرواتب حسب حجم وأهمية الشخصية، حيث المبلغ يتراوح بين 15 عشر ألف دولار أمريكي وبين خمسين ألف دولار بالنسبة لشخصيات معينة.
لسنا بصدد التحقيق في صدق هذا الكلام من عدمه ولكننا نريد فقط أن نبين الصورة اللبنانية كما هي موجودة.
بعض المشاهد السابقة ليست غريبة بالنسبة لنا، فهي، وحتى إن لم تكن صادقة مائة بالمائة إلا أنها تعبر بدرجة كبيرة عن أصحابها وسياستهم ونواياهم.
أما المشهد الذي يحتاج إلى تفسير في هذه الصورة اللبنانية العجيبة فهو ما نشرته جريدة “دير شبيجل” الألمانية حول مسئولية مباشرة لحزب الله اللبناني عن اغتيال الشهيد رفيق الحريري، وربما تكشف الأيام القادمة عن معلومات أكثر في هذا الشأن وتكشف عن هذه الوثائق التي أعلنت الجريدة الألمانية أنها تملكها حول هذه الجريمة .