الدعوة التي نادت بها جمعية المنبر الإسلامي على لسان أمينها العام عبداللطيف الشيخ من أجل إقامة كونفدرالية خليجية تضم دول مجلس التعاون الخليجي الست، هي دعوة جديرة بالاحترام، ولا يجب أن ننظر إليها على أنها فكرة طوباوية لا يمكن تحقيقها على أرض الواقع.
فعلى الرغم من اعترافنا بأن كل الدعوات الخاصة بالوحدة بين الدول العربية باءت بالفشل حتى الآن، إلا أن مسألة الوحدة بين دول الخليج العربية على وجه الخصوص قابلة للتحقق على أرض الواقع، ليس فقط للتجانس اللغوي والثقافي والتقارب في المستوى الاقتصادي والاجتماعي بين شعوبها، ولكن لطبيعة الأخطار التي تحيط بها ووحدة المصير التي تجمع بين شعوبها وحكوماتها.
ما أريد أن أضيفه للفكرة المطروحة من قبل جمعية المنبر هو أن دول الخليج في حاجة إلى قوة عسكرية كبيرة ذات تسليح نوعي تضمن حماية الدول الست من أي تهديدات خارجية، خاصة ان دول الخليج تستطيع بناء هذه القوة وتسليحها بأحدث الأسلحة باستخدام فوائضها المالية الكبيرة المتحققة من خلال النفط، واعتقد أن هذا شيء ممكن سواء تحققت الوحدة الكونفدرالية أم لم تتحقق.
صحيح أن لدينا قوات درع الجزيرة ولكنها في حاجة إلى تطوير في الكم والكيف معا لكي تكون على قدر ما يواجهنا من أخطار.
لا يعقل أن تمتلك جميع دول المنطقة جيوشا قوية مسلحة بأحدث الأسلحة بينما دول الخليج ذات الثراء لا يكون لها قوة عسكرية تليق بإمكانياتها الاقتصادية وتتناسب مع مستوى التهديدات التي تواجهها.
لا يجب ان نظل إلى الأبد معتمدين على التوازنات الدولية وعلى تحالفات غير مضمونة، لأن التحالفات والصداقات لا تدوم إلى الأبد، والعلاقات الدولية لا تعترف بالأخلاق ولا بالصداقة، ولكنها تقوم على المصلحة البحتة، والمصلحة ليست شيئا ثابتا، فصديق اليوم قد يصبح عدو الغد والعكس بالعكس، والدليل على ذلك عدد الحروب والعداوات التي وقعت عبر التاريخ بين دول تجمع بينها اللغة الواحدة والدين الواحد.
ورأينا كيف تحولت إيران إلى أكبر محرك للأوضاع الداخلية في العراق، وهي التي كانت عدوة للعراق خلال سنوات طويلة في عهد الرئيس صدام حسين.
نحن اليوم نستفيد من توازنات معينة، ولكن هذه التوازنات قد تتغير عما قريب، ولا مانع مثلا أن تعود إيران إلى تحالفها القديم مع الولايات المتحدة كما كانت أيام الشاه، فلا شيء يدوم على حاله في عالم السياسة، فكما أطاحت ثورة الخميني بالشاه وغيرت إيران إلى عدو لأميركا بعد أن كانت أكبر حليف لها في الشرق الأوسط، يمكن أن تأتي ثورة أخرى تفعل العكس.
هذه ليست دعوة لرفض تحالفات حالية، ولكنها دعوة لبناء الذات بشكل صحيح، فلماذا لا نتسلح إذا كنا نستطيع أن نفعل؟ ألا يمكن لدول الخليج الست أن تكون جيشا مثل الجيش السوري أو المصري أو الباكستاني أو الإيراني؟
ربما لا نستطيع أن نصنع القنبلة الخليجية على غرار القنبلة الباكستانية أو الإسرائيلية أو الإيرانية، لأسباب معينة، ولكننا نستطيع أن نتسلح بالشكل التقليدي كالغالبية العظمى من دول العالم؟ نحن أهل الخليج، شعوبا وحكومات لا نفتقر إلى الاتفاق، فالجميع على وعي بأن مصيرنا واحد، ولكن الاتفاق وحده لا يكفي، فلابد أن يكون لدينا جيش يحمينا ويجعلنا نشعر بالأمان.