هذه هي الصيغة التي طالما تمنينا وجودها في البرلمان البحريني، كتلة تجمع أصحاب الفقه والخبرة في المجالات الاقتصادية والقانونية ممن ينأون بأنفسهم عن الطائفية والانغلاق والارتباط بالأيديولوجية أكثر من أي شيء وعدم القدرة على الخروج عن المربع الطائفي الضيق مهما تعارض ذلك مع مصلحة الوطن والمواطنِ.
كتلة “المستقلين”التي تبلورت بعد تكهنات صحافية بتشكيل كتلة اقتصادية، هي الصورة المثلى التي ستكسر الصورة السابقة لمجلس النواب، ونقصد بالصورة السابقة، صورة اللحى والعمائم التي جعلت المجلس الماضي مجلسا طائفيا أيديولوجيا لا يخدم الوطن والمواطن ولكنه يخدم الأيديولوجية، مهما كان الثمن.
ولكن الخبر الذي زاد من أهمية هذه الكتلة الجديدة في مجلس النواب، وجعلنا نستبشر خيرا بالفعل، هو أن هذه الكتلة البرلمانية بصدد تشكيل جمعية سياسية تمزج بين هذه العناصر الوطنية، التي تمنينا وجودها ضمن إطار واحد يقويها ويدعم فكرها وأطروحاتها داخل مجلس النواب وخارجه. ونتمنى أن يكون ما نشر على لسان النائب أحمد الملا في هذا الشأن صحيحا، حيث قال ان كتلة المستقلين تشمل في عضويتها 12 نائبا من الذين فازوا في الانتخابات، وان هناك توجها لتأسيس جمعية المستقلين الوطنية التي سيتم الإعلان عنها قريباً وبانتظار الانتهاء من نظامها الأساسي وتسجيلها بشكل رسمي حسب القوانين المعمول بها في المملكة.
ليس هناك ما يمنع أن يكون لهذا التجمع الوطني جمعية سياسية تجمع بين أعضائه على أساس وطني غير طائفي تضم المواطنين البحرينيين على اختلاف مذاهبهم، طالما انهم يرفعون شعار “الوطن أولا وفوق الجميع”.
وجاء تصريح النائب حسن الدوسري أحد أعضاء هذه الكتلة مبشرا جدا، حيث قال ان “شعار هذه الجمعية هو الوطنية والاعتدال والوسطية، ونبذ الفرقة والطائفية، حيث تسعى الجمعية لاستقطاب المواطنين بمختلف انتماءاتهم الدينية والطائفية والعرقية، مع تمسكها بأحكام الدستور وتوجيهات جلالة الملك الأخيرة التي تنص على عدم تمرير أي قانون يخالف الشريعة الإسلامية، وستكون من ضمن اولوياتها الملفات المعيشية للمواطن وسنفتح ملفات عالقة منذ 8 سنين ومنها ملفات الاسكان وتدني الاجور وغلاء المعيشة ولن نخضع لأي ايديولوجية دينية مع التأكيد على اننا جميعا مسلمون وسيكون العامل الأبرز في تعريف الناس بجدوى الاستقلالية في العمل الوطني، لاسيما السياسي والبرلماني، وأهمية الابتعاد عن الأجندات الحزبية والطائفية ووضع مصلحة الوطن فوق جميع الاعتبارات المذهبية أو التجزيئية أو النفعية”.
إذا هي جمعية حريصة على الإسلام وقواعده، دون أن تكون أسيرة لأيديولوجية بعينها، وحريصة على مصلحة المواطن دون تهييج طائفي ودغدغة لعواطف البسطاء.
ونحن نقول للدوسري: ما جاء على لسانكم حول أهداف هذه الجمعية، هو الوصفة السحرية التي تحتاجها البحرين، لكي تنتقل من مرحلة الكلام إلى مرحلة العمل، ومن مرحلة المراهقة السياسية إلى مرحلة الرشد والعمل السياسي الهادئ، والانتقال من المناوشات السياسية إلى الحوار والتعقل.
ونقول لأعضاء هذه الكتلة: لا تلتفتوا إلى من يحاولون توجيه سهامهم إلى كتلتكم وجمعيتكم المرتقبة الذين يقولون ان الناخبين البحرينيين اختاروكم على أساس أنكم مستقلين، فكيف تتحولون إلى كتلة أو جمعية. فقد اختاركم الناس على أساس وطني، وان هذا الأساس الوطني هو القاسم المشترك بينكم جميعا، وان المقصود بالاستقلال هو الاستقلال عن الطائفية والطائفيين.