الحادث الإرهابي الذي ارتكبه أميركي وراح ضحيته طلاب عرب مسلمون ثلاثة في شمال كارولينا بالولايات المتحدة الأميركية أثار غضب الكثيرين في عالمنا العربي والاسلامي، فهي جريمة عنصرية تظهر الكراهية الشديدة للإسلام والمسلمين في الولايات المتحدة.
ومن الطبيعي أن يشعر الجميع بالصدمة والامتعاض بسبب جريمة كهذه، ولكن من غير الطبيعي تلك الضجة التي أثيرت من قبل الكثير من الإعلاميين والناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب إغفال الاعلام الأميركي لهذه الحادثة والتعامل معها وكأن الذين قتلوا كائنات أقل شأنا من غيرهم في الولايات المتحدة وفي الغرب بشكل عام.
الكثيرون كتبوا يتهمون الإعلام الأميركي بالكيل بمكيالين وتضخيم الجرائم التي يرتكبها إرهابيون مسلمون،رغم أن الإسلام الصحيح وعلماء الإسلام يرفضون الارهاب ويتبرأون من الجماعات الضالة التي تمارسه،وفي نفس الوقت لا يلقي بالا للجرائم التي يكون ضحاياها مسلمون كما حدث تجاه حادث كارولينا.
هذه الصدمة التي عبر عنها الكثير من العرب والمسلمين تجعل الذي يقرأ أو يسمع ما يقال عن تحيز الإعلام الأميركي يشعر وكأن هذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك، وكأن الاعلام الأميركي كان منصفا ومهنيا طوال الخمسين عاما التي مضت.
الإعلام الأميركي يا سادة لم يكن يوما منصفا أو محايدا تجاه أية قضية عربية، خصوصا إذا تعلق الأمر بالصراع العربي الإسرائيلي، أو إذا تعلق بمسألة الارهاب على وجه الخصوص.
فهل رأيتم من قبل الاعلام الأميركي يبكي على آلاف الضحايا الذين يسقطون تحت وابل الرصاص الإسرائيلي الذي يصب فوق أطفال ونساء فلسطين؟
هل رأيتم الاعلام الأميركي يساوي، من قبل، بين الجلاد الإسرائيلي والضحية الفلسطينية؟ على الرغم من أن المساواة بين الجلاد والضحية تكون في حد ذاتها ظلما كبيرا، إلا أن هذه الحالة ذاتها لا تتحقق خلال تعامل الإعلام الأميركي مع المجازر التي طالما ارتكبتها إسرائيل ضد الفلسطينيين. فالإعلام الأميركي يطمس الحقائق تماما ويضع إسرائيل في موضع الضحية التي تدافع عن نفسها ضد الإرهابيين الفلسطينيين.
وماذا قال الإعلام الأميركي عن التعذيب الذي جرى في غوانتنامو وعن الآلاف الذين سقطوا جراء الغزو الأميركي غير المبرر للعراق الذي أعاد العراق للعصر الحجري وسلمه على طبق من فضة للإيرانيين؟
الإعلام الأميركي، مثل الموقف الأميركي من العرب والمسلمين، يدافع عن المصلحة الأميركية والمصلحة الاسرائيلية وعلى هذا الأساس يضع تعريفا مناسبا لكل شيء ولا يهتم بجعجعة أحد عن الكيل بمكيالين أو بعشرة مكاييل، فالحق والفضيلة والشرعية والعدل لها معانٍ مختلفة لدى الولايات المتحدة، ولا داعي لأن نزعج أنفسنا كلما حدثت حادثة كهذه لأن الحوادث لن تنتهي، والأميركيون لن يستمعوا لأشعارنا، ولن يؤثر فيهم قولنا: قتل أميركي في غابة جريمة لا تغتفر، وقتل كل المسلمين المقيمين في كارولينا ونيويورك ونيوجرسي وواشنطن وخمسين ولاية أميركية، مسألة فيها نظر!.