فكروا في مرحلة ما بعد القذافي

فكروا في مرحلة ما بعد القذافي

تم القبض على سيف الإسلام القذافي أم لم يتم القبض عليه، وتم محاصرة شقيقه وشقيقته أم لم يتم محاصرتهما، فهذا كله لا يهم، ففي كل الحالات سيسقط القذافي،إن لم يكن قد سقط بالفعل قبل نشر هذه الكلمات، فقوات الثوار تقترب ميلا بعد ميل، والأعوان يتخلون عن الطاغية واحد تلو الآخر، والإمدادات تتناقص يوما بعد يوم بسبب الحصار الذي أصبح يحيط بالقذافي ورجاله.
لم يعد هناك قلق إذن حول نجاح الثورة الليبية من عدمه بعد أن قدم الشعب الليبي من شهداء ما يكفي للقضاء على نظام القذافي الذي أخر ليبيا وقضى على مقدراتها على مدى أربعين عاما.
الشعب الليبي نجح بامتياز في ثورته وذكرنا بكفاحه ومقاومته للاحتلال تحت قيادة الزعيم الخالد عمر المختار. ولكن القلق الحالي هو عن مستقبل الشعب الليبي بعد رحيل هذا النظام، فهناك أسئلة كثيرة حول مدى قدرة الشعب الليبي ورجال الثورة على صنع المستقبل السياسي لبلدهم. فهل ستتحد كل فئات وقبائل ليبيا وتكون على قلب رجل واحد فيما يتعلق بصنع هذا المستقبل؟ أم أن القبلية التي يعيش في ظلها الشعب الليبي ستخلق صراعا على السلطة ينهك الدولة الليبية ويدفع بها نحو تكريس القبلية وتقسيم ليبيا إلى مناطق؟
إذا حدث هذا لا قدر الله فستكون الطامة الكبرى لأن كل قبيلة ستجد من يمدها بالسلاح والعتاد فتدخل هذه الدولة الشقيقة في نفق الحرب الأهلية الذي يمكن أن يمزق ويمحو دولة عربية أخرى، أم أن شعبنا العربي الشقيق في ليبيا سيكون على مستوى من الوعي والمسؤولية والخوف على مستقبل هذه الأرض التي روتها دماء أبنائه، وسوف يجتمع على كلمة سواء ويلتزم بحماية مقدراته وحماية مستقبل أبنائه ويترك كل شيء لصنايق الاقتراع لاختيار الرئيس المقبل واختيار برلمان يمثل كل فئاته؟
هذا هو الذي نتمناه لأشقائنا في ليبيا وندعوهم إلى ترك السلاح بعد رحيل نظام القذافي والإسراع ببناء الدولة النظامية ذات الجيش الواحد وجهاز الأمن الواحد والنظام الإداري الذي يدير شئون الحياة فيها.
وعلى الدول العربية أن تقف مع الشعب الليبي بشكل أكثر إيجابية في مرحلة ما بعد القذافي وتساعده في صنع مستقبله السياسي، ولا نبالغ إذا قلنا إن دول الخليج العربي عليها مسؤولية كبيرة في هذا بعد موقفها الطيب الذي وقفته مع الثورة في المرحلة الحالية.
صحيح أن مصر وتونس هما الدولتان الأكثر تأثرًا بأي أوضاع أمنية سلبية في الشقيقة ليبيا، وصحيح أن الشعبين المصري والتونسي هما اللذان ألهما شقيقهما الليبي هذه الثورة، ولكن الدولتين حاليا لديهما ما يشغلهما من أوضاع سياسية وأمنية داخلية تحتاج إلى وقت طويل لكي تلتئم، وبالتالي فالمسؤولية لا شك ستكون أكبر على المملكة العربية السعودية وكافة دول الخليج العربي في مساعدة الشعب الليبي في إيجاد طريقه نحو المستقبل.
حمى الله ليبيا الشقيقة وأهلها من كل سوء.