مرة أخرى نجد فتوى عجيبة وخلافية لنكتب عنها، بعد أن كتبنا من قبل عن فتاوى إرضاع الكبير أو إرضاع المرأة لزميلها في العمل، وما صاحبها من نكات وسخرية لا حصر لها، وفتوى “تزغيط البط”، وغيرها من الفتاوى التي لا ضرورة لها على الإطلاق، والتي يتورط فيها مشايخ الدين أو يتم توريطهم فيها.
الفتوى الجديدة أطلقها أحد مشايخ السلفية الذي يطلق عليه أتباعه “أسد الدعوة أو بن حنبل هذا العصر”، ولا ندري لماذا أطلقوها؟ هل سأله أحد المتنطعين أم أنه قالها من نفسه؟
يقول الشيخ إن الإنسان يجوز له أن يترك المرأة “زوجة كانت أو أختا أو أما أو غيرها من المحارم أو غير المحارم” لمغتصبها إذا كان دفاعه عنها سيؤدي إلى قتله!
بالله عليكم ماذا تضيف هذه الفتوى لعلوم الدين أو منفعة المسلمين؟ ألا تعلمون أن تعرض الإنسان لموقف كهذا يشل تفكيره من الأساس ويجعله غير قادر على اتخاذ أي قرار؟
الإنسان الذي تتعرض زوجته أو أمه أو أخته للاغتصاب أمام عينيه، تكون معاناته أشد من معاناة الموت نفسه، فلا مجال لديه للاختيار من الأساس، بعد فقد المنطق والتفكير والأعصاب والعقل.
الشيخ يريد بالطبع أن يعفي هذا الشخص المغدور من الموت الفسيولوجي لتبقى جوارحه تعمل طالما أن المرأة التي بصحبته سوف يتم اغتصابها في كل الأحوال سواء دافع عنها أو تركها، فلا داعي لأن يفقد حياته دفاعا عن شرفها طالما أن النتيجة واحدة!
ونحن في هذا الموقف لن نذكر الشيخ بحديث “من مات دون ماله فهو شهيد، ومن مات دون عرضه فهو شهيد…”، فهو بالتأكيد يفهم هذا الحديث أكثر منا، ولن نستدل على عكس كلامه بما قاله شيخ آخر من المشايخ الكبار الذين رفضوا كلامه بشدة وقال إن ترك المرأة لمغتصبها خسة ونذالة، فالإنسان مطالب بالدفاع عنها حتى الموت، حتى إن كان لا يعرفها! فليس من شأننا أيضا أن نفاضل بين ما قاله الأول أو الثاني.
ولكننا رغم ذلك من حقنا ان نتساءل بما أوتينا من عقل ومعرفة: ما الذي تضيفه فتوى الشيخ السلفي للاسلام والمسلمين؟
إن من حقنا أن نقول للشيخ السلفي إن فتواه تضر أكثر مما تنفع، لأنها فتحت بابا للاختلاف والجدل بين اهل العلم أنفسهم.
وإذا كانت قد فتحت بابا للاختلاف والجدل بين أهل العلم فسوف تحدث – وقد أحدثت بالفعل – ما هو أشد وأنكى بين عامة الناس ممن لا يحملون من العلم ما يحمله الشيخ ويحمله الذين اختلفوا معه.
ويكفيكم يا شيخنا أن تقرأوا التعليقات التي وردت أسفل الأخبار التي نشرتها الصحف الالكترونية حول فتواكم الجديدة لكي ترون من السخرية والشتائم ما يعكر صفوكم.