الذين يدعون والذين يروجون للدعوة الخاصة بجلوس دول الخليج العربي مع إيران على مائدة مفاوضات إما أنهم يلعبون معنا لعبة الوقت والتسويف وإما يستخفون بعقول الشعوب الخليجية، فالتفاوض يجري بين أطراف بينها فعل ورد فعل مساو في المقدار ومضاد في الاتجاه، وهي حالة غير موجودة بين دول الخليج وبين إيران.
والتفاوض بناء على هذه الحالة يقتضي التنازل من كل طرف عن بعض ما يريد، وإلا فالتفاوض يكون بلا معنى ونتيجة، وهو أمر غير منطقي في حالة العلاقات الخليجية الإيرانية.
الذي يحدث طوال الوقت هو تدخل إيران في الشؤون الداخلية لدولنا والعبث باستقرارها باستخدام ملف الطائفية وتحريض فئات معينة على العنف ضد الدولة.
والأمر لا يتوقف عند التصريحات والتحريض الطائفي، ولكنه امتد كما علمنا جميعا إلى تهريب الأسلحة وأدوات الإرهاب المختلفة للخلايا التابعة لها في دول الخليج العربي، والأدلة موجودة في أكثر من دولة من دولنا، فكم من مرة تم ضبط قوارب محملة بأسلحة وذخائر إيرانية قادمة للبحرين، وليست البحرين وحدها فقد أقامت دولة الكويت الشقيقة الدليل على ضلوع إيران في التفجيرات التي وقعت قريبا على أراضيها وعلى دخول أسلحة إيرانية إلى أراضيها.
ووصل الأمر إلى حد قيام الحرس الثوري الإيراني بتدريب عناصر إجرامية في جزيرة ما لتنفيذ عمليات تخريبية في البحرين والكويت وغيرهما.
ولا ننسى استدعاء شخصيات تابعة لخلايا إيران في دول الخليج إلى طهران للترتيب ورسم الاستراتيجيات الخاصة بمستقبل العمليات التي ستقوم بها في المستقبل في دولنا.
ولن نتحدث هذه المرة عن دور إيران في العراق واليمن ولبنان وسوريا، فالمسألة لا تحتاج إلى توضيح.
أما رد الفعل الخاص بدول الخليج العربي في مواجهة هذه الحالة، فلا يعد مساويا في المقدار ولا مضادا في الاتجاه، فرد الفعل الخليجي لا يتجاوز الدعوة لحسن الجوار وبناء علاقات تعاون مع إيران، بمعنى أنه لا توجد تدخلات عربية في الشؤون الداخلية لإيران، فلم تقم دولة عربية بإرسال قوارب أسلحة إلى عرب الأحواز، رغم ما هم فيه من اضطهاد ومعاناة، ولم يقم مسؤول أو رجل دين خليجي بالتدخل في الشؤون الداخلية الإيرانية كما فعلت أكبر شخصية دينية في إيران ضد دولنا.
فعلام يكون التفاوض إذا؟ وما الذي ستقدمه دول الخليج من تنازلات لإيران خلال هذا التفاوض؟ أم أن دول الخليج ستجلس مع إيران على مائدة واحدة لكي تستجديها لتوقف تدخلاتها ودعمها للإرهاب الذي يجري على أراضيها؟ فشكرا لأميركا وشكرا لكل قوادي السياسة الذي يسوقون كل ما تطلبه أميركا في المنطقة.