الشيخ عيسى قاسم قال كلاما جميلا عن التآخي وعن المحبة التي يكنها للسنة، وقال في خطبة الجمعة: “السنة إخوة لنا وأحباؤنا ونحن معهم في كل ما يمسهم من أذى، ولا نشكو أذى من إخواننا السنة، إنما شكوانا من السياسة الغاشمة”.
فشكرًا لسماحة الشيخ على هذه اللغة الرقيقة، ولكننا نود أن نفهم من سماحته لماذا المطالب ذات الصبغة الطائفية الواضحة طوال الوقت، طالما أنه لا يشعر بأي ضغينة تجاه إخوانه السنة؟
لماذا إذن استخدام أغرب مصطلح سياسي عرفه التاريخ، وهو مصطلح “التجنيس السياسي”؟ ذلك المصطلح الذي يعبر عن طائفية مقيتة ويوغر صدور الشيعة على السنة، ويبين أن الشخص الذي نحته هو إنسان جهنمي لا يريد للبحرين إلا الخراب؛ لأن مضمون هذا المصطلح الشيطاني يقول للإخوة الشيعة إن الحكومة البحرينية تقوم بتجنيس أصحاب المذهب السني؛ لكي يصبح السنة أغلبية، ويفوتوا عليكم الفرصة في السيطرة على مقاليد الأمور في البحرين عن طريق صناديق الاقتراع.
حديثكم الطيب يا سماحة الشيخ الذي يتضمن مطالب من بينها صوت لكل مواطن، فماذا تريدون من وراء هذا؟ ومن رصيد من ستأخذون؟ ولرصيد من ستضيفون؟ بالتأكيد يا سماحة الشيخ تريدون أن تأخذوا من رصيد السنة – الذين عبرت عن حبك لهم – لتعطوا الشيعة، على اعتبار أنكم متأكدون أن الشيعة أصحاب أغلبية.
وعلى أية حال نحن لا نناقش مدى عدالة المطالب التي يتحدث عنها الشيخ عيسى قاسم، ولكننا نريد أن نبين أن سماحته غارق طوال الوقت في المطالبة بميزات أو مطالب لطائفة محددة، وهي الطائفة الشيعية، في الوقت الذي يمقت الطائفية ويحذر منها، ويقول إن أسرع ما يفتت المجتمعات هو الإثارات الطائفية، ألا يعد الحديث عن التجنيس إثارة للطائفية؟
والأعجب أن الشيخ قال بالحرف الواحد إن الذي يضرب على وتر الطائفية ليس له حب لبلده، ولا ندري ما الذي يقصده بالضرب على وتر الطائفية؟ ألا يعد الإصرار والسعي طوال الوقت من أجل تحقيق مكاسب لجماعة واحدة، والأخذ من رصيد جماعة أخرى، ضرب على وتر الطائفية أم لا؟ وما هو التأثير الذي يتركه ذلك في نفوس الطرفين؟
المسألة واضحة؛ لأنه طوال الوقت يرسخ لدى إحدى الطائفتين الإحساس بالظلم ويبين لها أن الطائفة الأخرى تستأثر بكل شيء، وفي الوقت نفسه يوغر صدور الطائفة الأخرى ويبين لها طوال الوقت أنه سيأخذ من رصيدها، وأن الإصلاح يعني هذا بالضرورة.
إن هذا هو قمة العزف على وتر الطائفية يا سماحة الشيخ، مهما كانت نعومة الكلمات وحلاوتها.
ألم يقرأ سماحة الشيخ بيان جمعية الوفاق الذي تحدث عن التجنيس السياسي، والذي يعد إصرارا على تكرار الأسطوانة المشروخة نفسها التي توغر صدور المواطنين، وتذكرهم دوما بأنهم مختلفون، وبأنهم فريقان متعاديان؟