لابد أن تكون هناك إجابة واضحة ومقنعة حول السبب في عدم زيادة الرواتب في الميزانية الجديدة 2011 – 2012؛ لأن الناس ولأسباب عديدة كانوا يعتقدون أن الزيادة ستكون مسألة مؤكدة خلال هذه الميزانية.
السبب الأول في ذلك أن مجادلات بعض الكتل البرلمانية انتهت إلى أنها لن توافق أبدا على الميزانية ما لم تتضمن الزيادة المطلوبة، فاطمأن الكثير من الناس إلى أن الزيادة قادمة، والسبب الثاني أن الأسعار العالمية تواصل جنونها، وهو ما يقتضي زيادة معقولة في الدخول تتوافق ولو نسبيا مع هذا الجنون، والسبب الثالث أن البلاد شهدت أحداثا مهمة خلال الفترة الماضية استغلت فيها جماعات معينة الأحوال المعيشية لبعض المواطنين في التحريض وإشعال الفتنة في البلاد وهو شيء يبين منطقيا أن الحكومة ستسعى إلى تهدئة الناس وقطع الطريق على المحرضين، إضافة إلى أن الأحداث المؤلمة التي واجهتها مملكتنا العزيزة قد كشفت عن المعدن الأصيل لفريق من أبنائها ممن واصلوا الليل بالنهار وكانوا ينامون أحيانا في أماكن عملهم، مضحين بقسط كبير من راحتهم ومتطلبات عائلاتهم حتى لا تتوقف الخدمات الحيوية ووتوقف عجلة الإنتاج، في الوقت الذي تخلى فيه غيرهم عن أداء واجبه الوطني وطعنوا الوطن في وقت الشدة، وبالتالي كان لابد أن تتم مكافأة هؤلاء على حبهم لبلدهم وولائهم للقيادة.
لكل هذه الأسباب، توقع الناس أن الزيادة في حد ذاتها ستكون قضية مسلَّم بها، وأن الاختلاف في الرأي سيكون حول قيمة هذه الزيادة، وليس حول إدراجها من عدمه، فقد يطالب البعض بـ 30 بالمئة، ويقولون إن أسعار النفط قد استعادت عافيتها، بينما يقول آخرون إن البلاد قد خسرت الكثير بسبب الأحداث الماضية، وإن الاقتصاد لا يحتمل هذا القدر من الزيادة هذا العام ولابد أن نكتفي بـ 20 بالمئة، بينما ترد الحكومة على الفريقين بالقول إن الناتج القومي العام قد تعرض لخسارة كبيرة بسب الأحداث التي مرت بها البلاد، وأن عشرة بالمئة هي أقصى ما يمكن زيادته هذا العام، وبعد جدل طويل وكر وفر للكتل البرلمانية المختلفة التي ستتبارى في إظهار حبها للجماهير ولأصحاب الدخول المحدودة، وبعد مقالات وأخبار تصب في ذات الاتجاه، تعلن الحكومة أنه لا 30 ولا 20 ولا 10، ولكنها 15 بالمئة، ويضطر الجميع للقبول بهذه الزيادة.
هذا هو السيناريو الذي كان يتصور حدوثه من الناحية المنطقية وفي ظل الظروف التي نمر بها،ولكن هذا كله لم يحدث، فسادت حالة من الإحباط بين أوساط الموظفين، خاصة أصحاب الرواتب الصغيرة ومعهم المجموعات التي ضحت من أجل الوطن خلال أزمته.
والخلاصة أن الحكومة لابد أن تبحث عن موارد معينة لتوفير الزيادة حتى وإن كانت بنسبة أقل من كل الأرقام التي أوردناها، وحتى وإن كانت على حساب بنود أخرى، وإن لم يتسن ذلك فلابد أن تقدم للناس تفسيرا مقنعا حول عدم الزيادة، وعندها سنكون جميعا راضين ومستعدين للتقشف من أجل البحرين التي نحبها.