سامحينا يا لغة الضاد

سامحينا يا لغة الضاد

احتفلت الأمم المتحدة في الثامن عشر من الشهر الجاري باليوم العالمي للغة العربية بعد انتظار طويل، وقد تم اختيار هذا اليوم للاحتفاء بالعربية المظلومة من الجميع، حتى من أهلها، لأنه هو نفس اليوم الذي قضت فيه الأمم المتحدة باعتماد اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل المقررة في الجمعية العامة ولجانها الرئيسية في عام 1973، وبالتالي أصبح لها كغيرها من اللغات الأوروبية يوما يحتفى بها.
ولكن الشيء المحزن أن هذا اليوم قد مر دون أن يهتم به العرب الذين هم أهلها وعشيرتها، ودون أن تفرد لها وسائل الإعلام التي تنطق بها المساحة التي تستحقها، وكأن الأمر لا يعنيها، وكأن اللغة العربية لا تستحق من هذه القنوات التي تعد بالمئات أن تهتم بها وتعلي من شأنها أمام شباب وأطفال الأمة الذين تشوهت في أذهانهم عظمتها كلغة للقرآن الكريم.
لو أن الفضائيات العربية اهتمت باليوم العالمي للغة العربية التي ينطق بها 22 دولة ويحتاج إليها المسلمون في أنحاء العالم كما تهتم بألبومات الأغاني التافهة لاستطاعت أن تجعل الأجيال الصغيرة تشعر بقيمة وأهمية وجمال اللغة التي يتعلموها في مدارسهم.
سامحينا يا لغة الضاد فنحن مشغولون عنك، سامحينا فقد احتفى بك العالم ونحن نيام ومقصرون كعادتنا في حقك.
سامحينا فنحن مشغولون بمظاهراتنا وصراعاتنا وبقتل بعضنا البعض باسم الدين وبأسماء أخرى كثيرة، سامحينا فنحن مشغولون بتفكيك أمتنا التي تسمى على اسمك ولا وقت لدينا الآن لكي نحتفي بك، ففضائياتنا تنقل أخبار أبنائك المذبحون في سوريا وأبنائك الذين أصبحوا يكرهون بعضهم البعض في مصر، وأبنائك الذين لا يعرفون قيمة النعمة التي تغمرهم في الخليج العربي.
سامحينا فلن نستطيع أن نحتفل بك كما تعرفين وكما قلت عن نفسك وأنت بين اليأس والأمل:

رجعت لنفسي فاتهمت حصاتي *** وناديت قومي فاحتسبت حياتي
رموني بعقم في الشباب وليتني *** عقمت فلم أجزع لقول عداتي
ولدت فلما لم أجد لعرائسي *** رجالاً وأكفاءً وأدت بناتي.
وعليك أن تعيدي ما قلتيه للكتاب العرب لعلهم يعطوك بعض وقتهم واهتمامهم.
الى معشر الكتاب والجمع حافل *** بسطت رجائي بعد بسط شكاتي
فإما حياة تبعث الميت في البلى *** وتبنت في تلك الرموس رفاتي
وإما ممات لا قيامة بعده *** ممات لعمري لم يقس بممات.
ومع التحية لشاعر النيل الخالد حافظ إبراهيم.