4 يونيو 2018
زمن الفتاوي المتعارضة
قيل أنه في أزمنة الانهيار والاضمحلال تكثر الفتاوى ويكثر أهل الفتوى وتتعارض الفتاوى مع بعضها البعض ،رغم أن المصدر الذي يأخذ منه الجميع مصدر واحد.وقد حكي أنه في أحد أزمنة الانهيار والفوضى كثرت الفتاوى،وصار كل من هب ودب يفتي ،فهؤلاء يقولون :هذا عندنا جائز ،وغيرهم يقــولون : هذا عندنا غير جائز، فاغتاظ شاعر يسمى ” ابن دقيق العيد ” من هذه الحالة ،فكتب بيتا من الشعر يقــول :
يقولون هذا عندنا غير جائز …من أنتمو حتى يكون لكم عند…( مع ضم الدال).
تذكرت هذه القصة عندما رأيت علماء مسلمين ( عرب بالطبع ) يختلفون على شيء لا يجب أن يختلف عليه أحد.الأمر يتعلق باللاعب المصري العالمي الشهير محمد صلاح نجم فريق ليفربول الإنجليزي الذي تتحدث عنه الدنيا كلها ويعشقه أطفال وشباب بريطانيا ويقومون بالسجود تقليدا له عندما يحرز هدفا.
ورغم أني لا أفهم في كرة القدم ولا أتابعها ،الا أن المسألة لم تعد كرة قدم ،فهذا اللاعب الذي أصبح حديث الدنيا ،قد تحول الى سفير فوق العادة ،ليس لمصر،ولكن للعرب والمسلمين بتفوقه في فنون اللعبة وفي تصرفاته الدينية والأخلاقية التي قدمت لشباب أوروبا نموذجا ممتازا للعربي وللمسلم التي تم تشويهها بسبب الإرهابيين والمتطرفين الذين يسيئون للإسلام والمسلمين .
وعندما تعرض محمد صلاح للاعتداء من اللاعب المدريدي وأصيب في كتفه أثناء المباراة الأخيرة لفريقه مع ريال مدريد ،شوهد الذعر والإحباط والغضب على وجوه البريطانيين خوفا من خروج صلاح من المباراة بسبب الإصابة ،وهو ما حدث بالفعل،وخسر الفريق الإنجليزي المباراة بعد خروج صلاح.
ومنذ تلك الليلة وجماهير الفيسبوك والواتس اب في الدول العربية والأوروبية تلعن اللاعب الذي تسبب في إصابة صلاح .
صورة بديعة واختراق رائع أحدثه لاعب كرة في صفوف الأوروبيين من الصعب أن تصنعه اي دبلوماسية أو أي قوة ناعمة، ولكن للأسف نحن العرب لا نتفق على أي شيء،حتى ما ينفعنا ويرفع من شأننا لا نتفق عليه .
ففي الوقت الذي أشاد فيه عالم سعودي كبير بمحمد صلاح وبسجوده في الملعب وبتسمية ابنته “مكة ” على اسم البقعة المقدسة وقيام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان شخصيا بمنح محمد صلاح قطعة أرض في مكة تقديرا له على احتفائه بمكة وتقديم صورة جيدة عن الإسلام والمسلمين ،ظهر لنا شيخ كويتي يتولى تشويه صلاح ويتهمه في دينه ويطالبه بالتوبة وينتقد سجوده في الملعب ، ويعتبر الإصابة التي لحقت به غضب من الله.
وكانت النتيجة أن دخل الأزهر الشريف على الخط للرد على هذه الفتوى العجيبة التي أطلقها رجل الدين الكويتي وغيره ممن أرادوا من يحققوا بأنفسهم الشهرة والذيوع،ولا حول ولا قوة الا بالله.