رمضان بما فيه من روحانيات وصلاة واستغفار فرصة لتطهير النفس وإصلاح الجسد على حد سواء،فالصيام أداة أكيدة من أدوات التخلص من الجشع والكبر وهو يرقق المشاعر ويصلح النفس، وما يصلح النفس لابد أن يصلح الجسد، فقد ثبت أن الغالبية العظمى من الأمراض منشأها نفسي، وأن المرض، رغم أنه قدر من الله، فإننا كبشر نسهم في تكوين واقعنا من خلال إيماننا من عدمه ومن خلال تواصلنا الحقيقي مع الله عز وجل، وأن الصحة كنعمة من نعم الله التي لا يزيلها الله أو يغيرها إلا إذا غير الإنسان نواياه ومعتقداته، فكل شيء يخضع للسبب والنتيجة أو للفعل وثوابه.
والتوبة والاستغفار والاعتراف بالذنب والتسامح تجاه الآخرين وعدم الإساءة والإهانة والاحتقار والتخلص من الطاقة والشحنات السلبية تجاه ما يحيط بنا، والتي تندرج كلها تحت مظلة الإيمان بالله وحبه والعمل على ترسيخ هذا الحب داخل النفس، كي ينطلق إشعاعه إلى ما يحيط بهذه النفس من عناصر كونية، وهذه كلها أمور تؤكد عليها أكثر آيات القرآن وتبين أنها حصانة نفسية وجسدية للإنسان.
في كتابه “الكارما في الإسلام” يقول الدكتور خالد الجهني إنه في المستقبل القريب، ستفقد الأدوية والعقاقير فعاليتها، وسيجد العالم نفسه غير قادر على مواجهة هذا الانهيار، وستصبح الأفكار المادية غير مجدية في مواجهة ذلك، نتيجة لغياب التطور الروحي للإنسان الذي ينبع من تعاليم الله وسننه، ولذا فالناس البعيدون عن هذه السنن الذين لا يعملون على معالجة أنفسهم من الداخل ستكون تقنية الكارما معينا لهم… ولابد أن تتغير نظرة الإنسان لنفسه والعالم المحيط به، ليصبح أقل سلبية، فالطب الذي ظل يعالج الأجساد لقرون طويلة، سيصبح عاجزا عن معالجة الروح التي بدأت آلامها وأمراضها تتكاثر، والشفاء الحقيقي من أي داء هو تطور داخلي، يساعد العلاج المادي على إحداث تأثيراته وإنقاذ الروح، فالوعي الداخلي هو الملاذ لإنقاذ البشر من هذه الكوارث والأمراض.
ويقول إن انفصام الشخصية، مثلا، حالة مرضية غالبا ما يعاني منها الأشخاص المنغلقون والغيورون، فإذا حاولت أن تكبح رغباتك أثناء النهار وتسعى للظهور بمظهر الشخص الطيب، فإن العدوانية وخضوعك لرغباتك سيظهران ليلا عندما تكون وحيدا وسيحتلان كل المساحات في الروح، مما يؤدي إلى تدمير الوعي، لذا فلابد من العمل على الذات قبل النوم عن طريق الصلاة.
ويقول أيضا إن الاعتزاز بالنفس وعدم قبول الواقع هو مبدأ الخلية السرطانية، وإذا نسيت الخلية الجسم، فإنها تخضع للتدمير، فالروح تصبح معتزة بذاتها وعدوانيتها عندما تتعلق برغباتها، وكلما اشتد انجذابها للأرض كلما كانت قدرتها على تقبل الوضع أقل، وهذا يجب أن تتم محاصرته بالمرض للحد من هذا الشعور غير الإيجابي وإنقاذ روح الإنسان، فالسرطان يحاصر الاعتزاز بالنفس تحديدا. وإذا ارتبطت روح الإنسان بالمال والعمل والمكانة في المجتمع فعليه أن يتطهر من ذلك، فأرواحنا يجب أن تتعلق بكل ما هو رباني، فإذا سارت عكس ذلك فإن الانهيار سيكون مصير الجسد وربما الروح، وهذا تتم معالجته بواسطة الأمراض والمآسي والموت.
ويقول المؤلف إن عبادة القدرات تؤدي أيضا إلى الإصابة بأورام السرطان، لأن هذا يؤدي إلى احتقار الأشخاص غير القادرين والاستياء الذاتي الذي يرفع مستوى الاعتزاز بالنفس والعجرفة. قال تعالى: “ولا تصعر خدك للناس ولا تمشي في الأرض مرحا، إن الله لا يحب كل مختال فخور”، كما أن ضعف البصر أيضا مرتبط بالغيرة وجعل القدرات هدفا في الحياة، فالإخلاص وحب الله أولا ثم ما سواه أفضل وسيلة للتخلص من هذا الاعتزاز القاتل.
ويقول الحكماء: “إننا لا نعرف أن القدرات عبارة عن سيارة يمكن أن تنقلنا ويمكن أن تدهسنا”.