الذين رفضوا المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار في غزة يتحملون أمام الله وأمام التاريخ وأمام الإنسانية نزيف الدماء الذي يجري في القطاع، مهما كانت الحجج التي يسوقونها من أجل تبرير هذا الموقف.
لقد فضلت حماس أن تستمع إلى تركيا وإلى غيرها من دول المنطقة التي يهمها في المقام الأول الانتصار للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين وتسجيل نقاط ضد مصر ورئيسها عبدالفتاح السيسي من خلال الاستفادة من هذه المذبحة التي ترتكبها قوات الاحتلال الصهيوني ضد أطفال ونساء غزة!
يريدونها كربلاء جديدة يستفيدوا بها في حشد الصفوف من جديد لجماعة الإخوان التي تواجه التفكك والاندثار في هذه المرحلة، خصوصا أن موقعة “رابعة” وبكاء أردوغان المفتعل والضجيج الإعلامي لقنوات الفتنة العربية لم ينجح في تحقيق أهدافه في ظل الإرهاب الذي ارتكبته الجماعة ضد مصر وضد دول عربية أخرى.
هذه الدماء وهذا الرعب الذي يعلو وجوه أطفال غزة لا يهمهم في شيء، فالهدف هو المتاجرة بالدماء وإحراج الدول العربية الكبيرة في المنطقة في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها هذه الدول، وفي ظل آلة حرب إسرائيلية مجرمة وجدت في موقفهم الغريب فرصة لمواصلة جرائمها ضد الإنسانية.
ولا ننسى أن رفض المبادرة بالنسبة لحماس والإخوان المسلمين يحقق لهما أرباحا مادية كبيرة، فهناك مكافآت سخية دفعت وتدفع لهم من قبل دول الفتنة والعمالة التي لا تتواني في الإنفاق على كل ما يسيء لمصر والسعودية، تلك الدول التي لعبت دورا في الخفاء من أجل تعطيل المبادرة، دون أدنى إحساس بالذنب لسقوط الضحايا الأبرياء.
قالوا إن المبادرة المصرية لا تلبي طموحات الشعب الفلسطيني، وكأن كل ما سبق من مبادرات ومحادثات ومؤتمرات واتفاقات قد لبى طموحات الشعب الفلسطيني!
لم يحدث من قبل أن لبى أحد طموحات الشعب الفلسطيني، وإن كان هناك شيء يلبي هذه الطموحات، فهو على ورق فقط، فالجميع يعرف أن إسرائيل لا عهد لها،وحتى إذا التزمت لبعض الوقت باتفاق ما، فليس هناك ما يمنعها غدا من أن تصنع الذريعة التي تمكنها من خرق الاتفاق وتنال في ذلك تأييد الولايات المتحدة وغيرها!
القصة بالنسبة لحماس، إذن، ليست طموحات الشعب الفلسطيني، ولكن القصة هي الإخلاص للأيدولوجية وخطط التنظيم والسعي للنيل من عبدالفتاح السيسي القادم الجديد الذي خلص المصريين من جماعة الإخوان ووجه ضربات قاصمة للإرهاب.
والسؤال الذي نوجهه لحماس وللذين يتحكمون في قراراتها بالمال والفكر: هل تحققت مطالب الشعب الفلسطيني ورفع عنه الحصارعندما توقفت حماس خلال عام كامل من حكم الرئيس الإخواني عن إلقاء أي حصاة على إسرائيل؟ أم ان الإخلاص للأيدولوجية والتنظيم هو الذي منعكم من ذلك؟
لقد أساءت حماس كثيرا للقضية عندما أدخلت نفسها في صراع السياسة داخل دولة عربية طالما تحملت وضحت من أجل فلسطين فأساءت إلى تاريخها النضالي ضد الكيان الصهيوني وخسرت تعاطف البسطاء من أبناء الشعوب العربية.
زبدة القول:
لقد كانت ولا تزال تصفية الحسابات وتضارب الأيدولوجيات هي أشد عدو للقضية للقضية الفلسطينية.