درس الانتخابات البرلمانية

درس الانتخابات البرلمانية

انتهت الانتخابات البرلمانية البحرينية واتضحت الصورة وجاء إلى قبة البرلمان تشكيلة جديدة لم تكن تخطر على بال أعضاء الجمعيات الدينية التي خرجت صفر اليدين ولم تحقق شيئا يذكر في هذه الانتخابات.
فاز المستقلون وتقهقرت الجمعيات ذات التنظيم والكوادر والتمويل والتحرك السياسي والمنابر الدينية، فما الذي حدث وجعل المواطن البحريني يتجه إلى اختيار الأعضاء المستقلين بدلا من التابعين للجمعيات االسياسية،خاصة الاخوان المسلمين؟
لقد كان أداء الجمعيات في البرلمان السابق والبرلمان الأسبق أداء رديئا بكل المقاييس، ولم تكن اللحى أحسن حالا من العمائم، ففي الوقت الذي مارست فيه العمائم المزايدات والضجيج الهادف إلى إرباك المشهد وإرباك الدولة كلها لحسابات وغايات بعيدة عن المصلحة العليا للبلاد وبعيدة عن هموم المواطن اليومية والانصراف التام عن مصالح الناس الحقيقية، كان الإخوان والسلفيون هم أيضا مشغولين بتحريم الغناء والرقص والخمر والخيار والموز، ويعلنون الحرب على ربيع الثقافة، ولا علاقة لهم باحتياجات الناس اليومية.
البرلمان البحريني كان يقدم لنا مشاهد مسرحية متتالية، مشهد يدعو للاستياء والغثيان، ومشهد يدعو للسخرية والضحك، الأول أبطاله المعممون والثاني أبطاله الملتحون والإخوان، فكان ولابد أن يرفضهم الناخب البحريني ويخرج لهم البطاقة الحمراء.
هذا ما كان من أمر الداخل البحريني والأداء البرلماني في عهد برلمان العمائم واللحى، أما عن تأثير الخارج وتأثير الكوارث أو لنقل الجرائم التي ارتكبتها جماعات الإسلام السياسي في البلاد العربية الأخرى على الجمهور البحريني فحدث ولا حرج، فالشعب البحريني جزء من الأمة العربية يتأثر بما يحدث في الدول العربية الأخرى ويتعظ بما وقع فيها من أحداث.
وقد رأى البحرينيون كيف أفسد الإخوان السياسة وأفسدوا الدين نفسه من خلال تجاربهم ومماراساتهم في الدولة التي ولدت فيها جماعتهم. وكيف حاولوا أخذ مصر إلى طريق الاحتراب الداخلي، ورأوا كيف دعت الجبهة السلفية إلى ثورة مسلحة فيها وطالبت الشباب بالخروج ورفع المصاحف سعيا إلى خلق مشاعر دينية معادية لسطات الأمن في البلاد من خلال إلقاء المصاحف على الأرض لتوريط رجال الشرطة في إهانة المصحف.
فكيف يرى المواطن البحريني هذه الممارسات الشيطانية ولا يغير اتجاهه ولا يضع حدًا لحالة الجعجعة السياسية التي لا تنتج طحنا، خاصة بعد أن من الله عليه بانصراف جماعة العمائم وحدها من دون انتخابات.
وفي النهاية لنا كلمة لمن نالوا شرف تمثيل الشعب البحريني في البرلمان هذه المرة: لابد أن تثبتوا للشعب أنه كان على حق عندما اختاركم لهذه المهمة، وأن تصويته لم يكن تصويتا انتقاميا، فالشعب يختار النائب الذي يتبنى همومه اليومية ولا يختاره حبا في سواد عينيه.