“إننا سنواجه هؤلاء الثيوقراطيين لفترة طويلة جدًّا، وليس لدي شك بذلك، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، هل لدينا الشجاعة والنزاهة الأخلاقية والفكرية لنبيّن هؤلاء على حقيقتهم؟ فهم أناسٌ يحاولون أن يتحكموا بالناس، بحياتهم الدنيا وآخرتهم، إنهم هؤلاء الذين يعزلون أنفسهم عن بقية المجتمع الدولي، وليس لديهم اعتبار لحياة الإنسان، ولا يقدّرون النظام الاجتماعي والعقود الاجتماعية التي تأسست في مختلف المجتمعات والشعوب. إنهم أناسُ يضطهدون المرأة ويرتكبون المجازر بحق أي شخص يخالفهم ولا يوافق أو ينتمي إلى أيديولوجياتهم المنحرفة”. هكذا تحدث سمو ولي عهد البحرين الأمير سلمان بن حمد أمام أخطر رجال في العالم، أمام رجال الأمن والمخابرات ممن يعرفون كل شيء ولا يعلنون إلا ما يتفق مع مصالح بلدانهم، وقال في بداية كلامه خُلاصة مهمة، وهي أن الإرهاب ليس سوى أداة. الأمير سلمان بن حمد لمس أمورًا غاية الأهمية والحساسية لكل من يهمه الأمر من رجال الأمن في هذا العالم الذي يقف متفرّجًا أمام النار المشتعلة في عالمنا العربي، ظنّا منه ربّما أن هذا الإرهاب لن يصل إليه، ولكن التاريخ القريب قبل البعيد يؤكد أنه لا أحد في مأمن من الإرهاب حتى الذين رعوه واستخدموه كأداة ضد غيرهم.
لابد أن يتذكر العالم في هذه الأيام كيف نشأ تنظيم القاعدة وكيف ترعرع وكيف حصل على التمويل والتدريب وصواريخ ستنجر، وماذا حدث في أفغانستان وباكستان، وماذا يحدث هناك حتى الآن بسبب هذا التنظيم الذي استخدمته الولايات المتحدة كأداة من أدوات الحرب على خصمها الاتحاد السوفيتي ثم جاء الدور عليها لتكتوي بناره في الحادي عشر من سبتمبر. لابد اليوم أن يكون هذا العالم جادًّا في مواجهته لهذه المحرقة الإرهابية التي تواجه الأمة العربية، وتسعى (كأداة) لتفتيتها وإدخالها في دوامة الحرب الأهلية، وإلا فالجميع حتمًا سيدفع الثمن. والخلاصة التي يجب أن يفهمها العالم كله هي ما قاله ولي عهد البحرين في ختام كلمته المهمة أمام هذا المنتدى العالمي: إنني أعتقد بدلاً من الدخول في نقاش حول بعض الأحزاب السياسية أكانت إسلامية أم لا، فإن الإيمان يشكل جزءًا من أي منصة سياسية، ولكن ما لا يمكن أن نقبله هو أن يكون أي فرد ينصَّب على رأس أي أيديولوجية تكون لديه السلطة المطلقة عن طريق فتاوى دينية لتجريد أي شخص من حقوقه الدنيوية أو الأخروية، واستخدام ذلك من أجل مكاسب سياسية لهو يشبه كثيرًا الأيدلوجيات السياسية بالقرن السابع عشر، وإنه لا يوجد أيها السيدات والسادة في عالمنا المعاصر في القرن الحادي والعشرين مكان لأفكار القرن السابع عشر.
فهذه هي الفكرة، إنني أدعوكم أن نحذف مصطلح “الحرب على الإرهاب” والتركيز على التهديد الحقيقي الذي هو انتشار هذه الثيوقراطيات الشريرة.