سمعنا عن حب في الزنزانة، وهو الفيلم العربي الشهير للفنان عادل إمام والفنانة الراحلة سعاد حسني، وسمعنا عن “الحب في زمن الكوليرا” للأديب العالمي غابرييل غارسيا ماركيز”، وسمعنا عن حب تحت القبة (مجلس الشعب في إحدى الدول العربية)، وسمعنا عن “الحب تحت المطر” للشاعر بدر شاكر السياب، ولكننا منذ ولاده بنت المستكفي وابن زيدون لم نسمع عن حب في مجلس الوزراء، إلا منذ فترة، ونقصد تلك الحكاية التي ترددت في الإعلام وفي مواقع التواصل الاجتماعي، وهي حكاية الوزير المغربي الذي اتهمته المعارضة المغربية بوجود علاقة عاطفية بينه وبين وزيرة أخرى زميلة له.
ونحن نستخدم لفظة” اتهمته” من قبيل التماهي (مؤقتا) مع الحملة التي شنتها المعارضة على الوزير والوزيرة، حيث إن ما تردد من تشهير بهذا الرجل وبهذه السيدة ليس به تهمة أخلاقية ولا تهمة سياسية من الأساس.
فما هو العيب في أن يميل وزير إلى وزيرة ويطلب الزواج منها؟ أليس الوزراء بشر ككل الناس لهم ما لهم وعليهم ما عليهم كبشر؟ أليس هناك آلاف وربما ملايين الزيجات تحدث بين زملاء العمل؟ أم إن هذا مقبول فقط إذا تعلق بموظفين أو مديرين صغار؟
وماذا لو كان هذا الوزير أو هذه الوزيرة قد سعى أو سعت للزواج من زوج آخر غير وزير، وعلى اعتبار أن الزواج حق للبشر، والزواج عفة؟ هل كانت صحف المعارضة ستسكت أم كانت ستفعل الشيء نفسه استنادا لذريعة أخرى، كأن تنشر عنوانا كبيرا مثلا يتساءل عن السر وراء زواج الوزير أو الوزيرة من سيدة الأعمال أو رجل الأعمال الفلاني، رغبة في تشويهما بكل السبل؟
أنا لا أدافع عن الوزير أو الوزيرة المغربية ولا أعرف أيا منهما، ولا أدافع عن الحكومة المغربية ولا أكره المعارضة المغربية ولا أعرف عنها شيئا، ولكنني أستغرب أن تقوم حملة إعلامية مسعورة تخوض في أعراض الناس؛ من أجل تصفية حسابات سياسية!
هذا هو شأن المعارضة في كثير من الدول العربية وليس في المغرب وحده، حيث التفتيش في حياة الناس الشخصية؛ من إجل الإساءة للوزارة أو النظام دون موضوعية ودون مراعاة الحياة الشخصية للناس من أجل مكاسب سياسية.
قد يقول قائل إن الوزير شخصية عامة، والشخصيات العامة تكون ملكا للشعب كله، إن صح هذا التعبير، وإن تناول سلوكه حق لوسائل الإعلام، وأن الوزراء لهذا السبب، يجب أن يكونوا حذرين في ممارساتهم اليومية، وهذا صحيح بدرجة ما، ولكن في المقابل لابد من التحقق من التهم قبل النشر ولابد وجود كود أخلاقي ومعايير مهنية تحكم عمليات النشر المتعلقة بهكذا أمور.
ولنا في هذا السياق سؤال آخر، وهو: هل تابعت المعارضة المغربية أداء الوزير وإنجازه العملي في وزارته وانتقدت جوانب الضعف في هذا الأداء ووثقتها بالاهتمام نفس كما ركزت على حياته الشخصية؟
وعلى أية حال شكرا للوزير والوزيرة اللذين قدما استقالتيهما من المنصب؛ لأنهما على الأقل تصرفا بمسئولية واحترام لمجلس الوزراء وللحزب الذي ينتميان إليه.
ولكن الوزير الذي كانت الشوكلاته الفاخرة سببا في إبعاده، يجب أن يترك أمره للقضاء المغربي وحده!