تتجلى عبقرية جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة في قدرته على التعامل مع المشكلات والأزمات بشكل مباشر دون وسيط ودون تأجيل أو تسويف ودون مساومة أو اعتماد على أنصاف الحلول.
زيارة جلالته في هذا التوقيت لبريطانيا زيارة لها أهميتها ومغزاها، بعد توتر العلاقات بين البحرين وبينها عقب الاحتجاجات والطريقة التي تعامل بها السفير البريطاني في المنامة مع هذه الاحتجاجات والتي أدت إلى استفزاز الجميع.
الملكية في بريطانيا تعد من أعرق الملكيات وأطولها بقاءا، ولا مانع مطلقا من الاستعانة بتجارب الدول العريقة في دعم تجربتنا الإصلاحية، وطالما أننا ماضون بالفعل في الإصلاح السياسي والديمقراطي والحقوقي، فلا عيب مطلقا أن نستعين بالتجارب الناجحة ونستعين بالخبراء من المملكة المتحدة.
أهم ما يميز حكم جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة أنه دائما يصدر القراءات ويتخذ الخطوات التي تتناسب مع طبيعة كل موقف أو أزمة من قبل أن يطالبه أحد بإصدارها، لا من الداخل البحريني ولا من أي قوى أخرى خارجية، فعندما صدر تقرير لجنة تقصي الحقائق حول أزمة الدوار وما تلاها من تطورات، بادر جلالته باتخاذ ما يلزم من قرارات تضع في اعتبارها مصلحة هذا الوطن واستقراره وتقطع الطريق على من يشككون في جدية العملية الإصلاحية في البحرين.
لقد تحرك جلالته بشكل سريع وحاسم فور صدور تقرير اللجنة على الصعيد الأمني ، بعد أن أثبت التقرير وجود تجاوزات أمنية خلال التعامل مع الاحتجاجات التي جرت، وهذا دليل على أن البحرين فوق الجميع وأن بقاءها واستقرارها فوق الأفراد وفوق كل اعتبار.
البحرين لم ترفض الإصلاح ولم تماطل فيه ولم يفرض عليها من أحد، ولكن طبيعة الأشياء وحركة الكون هي التي جعلته حتميا، وجلالة الملك حمد بن عيسى لم يقف يوما ضد التطور الطبيعي للأشياء، بل كان دائما سباقا، وهذه هي سمات الملوك العظماء الذين يقومون بما يتوجب القيام به من تلقاء أنفسهم ودون أن يلزمهم به أحد.
ولكن ما يقوم به جلالته من أجل البحرين واستقرارها، يجب أن يقابل باستجابات وردود ترقى إلى مستوى ما يقوم به جلالته من جهود مخلصة من أجل الحفاظ على الأمن والاستقرار.
جلالة الملك خلال زيارته لبريطانيا عبر عن شيئين غاية في الأهمية يجب استيعابهما جيدا إذا كانت لدينا نوايا حسنة نحو هذا البلد الذي نعيش على أرضه.
فقد قال جلالته بشكل واضح أن إيران يجب أن تتصرف بمسئولية في هذه المنطقة، وهذا كلام شديد الوضوح لكل من يريد خيرا للبحرين، فلابد أن تتعامل إيران مع الأزمة البحرينية بما تقتضيه علاقات حسن الجوار واحترام سيادة البحرين.
كما أكد جلالته على أن مكتبه مفتوح لكل أبناء البحرين دون استثناء للتشاور حول متابعة العملية الإصلاحية في المملكة، فهل سنستجيب لهذه الخطوة الهامة بمسئولية وحرص على المضي قدما في صياغة ما نريده ونسعى إليه من إصلاحات، أم سنظل نساوم ونسعى للتأزيم؟
البحرين عاشت نهضتها واستقرارها تحت حكم آل خليفة الكرام وسوف تبقى بإذن الله مؤيدة بهم وسيظل الشعب البحريني يبادلهم إخلاصا بإخلاص وحبا بحب، ومن أراد الخير للبحرين لابد أن يصبح الآن جزءا من الحل وليس جزءا من المشكلة.