كل البحرينيين تحولوا إلى دبلوماسيين وهم يتناولون العلاقات البحرينية القطرية في الفترة الأخيرة، فما من كاتب او متحدث في التلفزويون، إلا ولمس القضية برفق ومسؤولية وحرص على استرضاء الأشقاء. وهذه روح طيبة جدا عندما تتوافر بين الشعوب وبعضها، وليس فقط بين المسؤولين والقادة وبعضهم.
وربما يكون السبب وراء هذا الهدوء البحريني، هو أن الشعب البحريني قد وصل إلى درجة من الرقي والاحترام والمسؤولية في تعامله مع الأشقاء. فنحن لا نصدق أو لا نريد أن نصدق أن ثمة أزمة، أو تعكر في الأجواء، بين بلدنا وبين الشقيقة قطر. شعرنا بشيء من الصدمة عندما تم إطلاق النار على الصيادين البحرينيين واعتقالهم في قطر، وشعرنا أيضا بصدمة بسبب رد الفعل اللاحق من الحكومة القطرية، وشعرنا بالقلق الشديد عندما أعلن عن تعليق مشروع جسر المحبة بين البحرين وقطر، ذلك الجسر الذي نعلق عليه أمالا كبيرة في أن يكون اسما على مسمى.
صحيح أن رد الفعل الرسمي جاء تطمينيا، وليس مطمئنا، من قبل بعض المسؤولين ممن أعلنوا أن المسألة تعليق مؤقت وليس إلغاء، وأن أسبابا مالية وراء الموضوع، وهناك من قال أيضا إن هناك أسبابا فنية هي التي أدت إلى هذا القرار.
ولكن هذا الرد الرسمي التطميني، إن صح هذا التعبير، لم يطمئن أحدا، فموضوع الجسر هو حديث الساعة لأبناء البحرين.
فتسلسل الأحداث هو الذي يجعنا غير مقتنعيين أن كل شيء على ما يرام كما يقول البعض، فقطر قامت بإطلاق النار على الصيادين البحرينيين الذي دخلوا مياهها الإقليمية، ثم قامت الجزيرة بإذاعة برنامج حول الفقر في البحرين، وعلى اثره تم اغلاق مكتب الجزيرة في المنامة، ثم أعلن بعد ذلك أن قطر اعترضت على ترشيح محمد المطوع كأمين عام لمجلس التعاون، وبالتأكيد نتج عن ذلك – على الأقل- حالة من عدم الرضا الرسمي البحريني تجاه الموقف القطري، وهي الحالة التي بددها تماما خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز بتدخله الكريم الذي قدرته البحرين كما ينبغي.
وكان من المنطقي – على الرغم من علمنا واقتناعنا أن قطر تصرفت وفق القانون الدولي – أن يتم العفو عن الصيادين البحرينيين كبادرة تؤكد صفاء النفوس وانقشاع سحابة الصيف بعد أن وافقت البحرين على ترشيح شخص آخر لمنصب أمين عام مجلس التعاون، ولكن على العكس تماما، فقد فوجئنا بخبر صحفي يقول إنه تم تعليق الجسر، ولما كان الخبر منسوبا لمصدر قطري فقط فقد ربط الناس بين ما سبق من أحداث وبين هذا الخبر وهكذا بدت الأحداث وكأنها ناتجة عن بعضها البعض، ولذلك فإن المنطق العام يبين أن هناك أزمة علاقات بين مملكتنا وبين دولة قطر. ولا عيب إطلاقا في أن نعترف بوجود أزمة، فالأزمات أمر وارد في العلاقات الدولية ،حتى بين الأشقاء،ولكن العيب هو السكوت وعدم مناقشة كل أسباب الخلاف، والعيب هو التعامل العاطفي مع الأمور والحساسية التي نتصف بها كعرب، شعوبا وحكومات، تجاه بعضنا البعض، إلى الحد الذي يجعلنا نتقبل أن نكون مغلوبين من أي طرف، إلا الطرف العربي الذي يشاركنا العروبة والدين،وليس هذا في مجال السياسة فقط، ولكن حتى في المنافسات الرياضية.