توثيق التدخل الإيراني في شؤون البحرين(حول دراسة لمركز الخليج للدراسات الاستراتيجية)

توثيق التدخل الإيراني في شؤون البحرين(حول دراسة لمركز الخليج للدراسات الاستراتيجية)

التدخل الإيراني في شؤون الدول العربية، خاصة دول الخليج العربي أمر قديم وثابت منذ قيام ثورة الخميني وتبني الدولة الفارسية لسياسة تصدير الثورة، وحتى عندما بدأت تتجمل وتعلن أنها تخلت عن هذه السياسة كان التدخل دائما موجودا بأشكال عديدة، ولكن الجديد هو أن هذا التدخل أصبح فجا وصارخا ابتداء من العام 2011 وأعمال العنف التي صاحبت تحركات الطائفيين البحرينيين المدعومين من الدولة الصفوية.
وكتبنا عشرات المقالات والأعمدة الصحافية عن التدخل الإيراني السافر في الشؤون الداخلية لدول الخليج العربي بشكل عام ومملكة البحرين بشكل خاص، إلا أن ما كتبناه ربما ينظر إليه على أنه آراء شخصية لمن يكتبونه ولا يمكن الاحتجاج به أمام العالم كدليل على هذا التدخل.
ولكن عندما يتم توثيق هذا التدخل بشكل علمي من خلال الأبحاث العلمية، فالأمر يصبح مختلفا، فالبحث العلمي له أسس يقوم عليها ونتائج لا تقبل التشكيك.
مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية برئاسة الدكتور عمر الحسن وبمعية نخبة من الباحثين المتميزين قدم بحثا رائعا بكل المقاييس، عندما قام بتوثيق التدخل الإيراني في شؤون البحرين، من خلال رصد وتصنيف التصريحات الرسمية لأركان الدولة الإيرانية، ابتداء من رئاسة الجمهورية ومرورا بكل المؤسسات ذات الصفة الرسمية في الدولة ثم المؤسسات الإعلامية والصحف المرتبطة بالدولة الإيرانية، وكذلك تصريحات عملاء إيران وأذنابها في لبنان والعراق، خاصة حزب الله.
هذا البحث الممتاز الذي جاء تحت عنوان “التدخلات الإيرانية في شؤون البحرين.. التصريحات الرسمية وشبه الرسمية” لا نقدمه فقط للباحثين والصحافيين وأساتذة العلوم السياسية والمؤسسات الإعلامية المحايدة وكل من يهمه الأمر على المستوى الدولي والمحلي، ولكننا نقدمه بالخصوص إلى الذين يطلقون على أنفسهم المعارضة البحرينية.
فهذا البحث مادته الأساسية هي كلام المسؤولين الإيرانيين وتهديداتهم الصريحة لدولة مستقلة ذات سيادة تعيش هذه المعارضة على أرضها وتحمل جنسيتها.
نريد من كل مثقف، وكل كاتب وكل معلم وكل طالب وكل مواطن بحريني، بل نريد للعالم العربي بأسره أن يطلع على هذه الدراسة ليعرف الجميع إلى أي مدى كشفت إيران عن وجه قبيح في تعاملها مع جيرانها.
ورغم وجود درجة كبيرة من الكذب والمغالطة في تصريحات المسؤولين الإيرانيين التي أوردتها الدراسة، إلا أن الذي يملأ النفس بالغيظ هو زوال الحياء والافتقار إلى اللياقة والأدب في تصريحات ملالي إيران ومسؤوليها، خاصة قول أحدهم إن “البحرين جزء من إيران ويجب العمل على ضمها، وان الاتحاد بين السعودية والبحرين مؤامرة خطيرة تهدف إلى توتير الوضع الراهن في الشرق الأوسط ويجب دعوة المواطنين للتظاهر ضد ضم البحرين للسعودية”.
فما رأي المواطنين البحرينيين والمواطنين العرب عموما في هذا التصريح الوقح الذي يدل على مدى الغرور والعنجهية التي ينطلق منها قائله!.
إنني أدعو إلى طبع هذا البحث على نفقة الدولة البحرينية وتوزيعه على جميع المواطنين الخليجيين وعلى أشقائنا في بقية الدول العربية وإلقاء الضوء عليه بواسطة كل وسائل الإعلام العربية واتخاذه كوثيقة مهمة عند دراسة وتقييم المرحلة الخطيرة التي تعيشها الأمة العربية في الوقت الحالي.