تعليق نشاط جمعية الوفاق

تعليق نشاط جمعية الوفاق

الولايات المتحدة تعتبر أن تعريفها للأشياء هو التعريف المعتمد، فالحق هو ما ترى الولايات المتحدة أنه الحق والشرعية ما ترى الولايات المتحدة أنه الشرعية، والإرهاب هو ما تقول هي انه إرهاب، مهما كان حجمه ونتائجه وضحاياه، وما عدا ذلك فليس إرهابا حتى وإن قتل خلاله ملايين البشر.
هذا ما نراه منذ سنوات ونراه كل يوم من خلال تصريحات وتحركات الولايات المتحدة في منطقتنا الموبوءة.
والشيء الأكثر دهشة أن الأميركيين لا يكتفون بمجرد فرض مفاهيمهم الشخصية وتعريفهم للأشياء على العلاقات الدولية والصراع بينهم وبين غيرهم من الدول فقط، ولكنهم مصرون على فرض رؤاهم على الشؤون الداخلية للدول مهما تعارضت رؤاهم ونظرتهم للأمور مع قوانين هذه الدول.
الدليل على ذلك بالنسبة لنا كبحرينيين أن الولايات المتحدة عبرت عن قلقها بسبب الحكم الصادر بوقف نشاط جمعية الوفاق بسبب ارتكابها لمخالفات قانونية وقيامها بأنشطة يحظرها قانون دولة البحرين التي قامت هذه الجمعية بموجبه وارتضت العمل وفق ما جاء فيه!
السؤال الذي نوجهه لجميلة الولايات المتحدة جينفر بساكي المتحدثة باسم خارجيتها: هل القانون البحريني الذي استخدمته المحكمة البحرينية قانون جديد تم اختراعه أمس للتضييق على تلك الجمعية أم أنه قانون معروف من قبل لكل القائمين على الجمعية ومعروف للولايات المتحدة نفسها؟
وإذا كانت الوفاق قد ارتضت العمل وفق قوانين البلاد، فلماذا تعلن الآن عدم احترامها للحكم الصادر ضدها وتعلن بكل بجاحة أنها مستمرة في نشاطها وتصف هذا الحكم بأنه مغامرة مجنونة وغير محسوبة، وكأن القضاء البحريني ملزم بأن يحسب حسابا للطرف الذي يصدر ضده الحكم؟
هل السياسة في الولايات المتحدة تتغلب على القضاء وعلى القوانين؟ أو بمعنى آخر هل القضاء في الولايات المتحدة يضع في اعتباره قوة ومكانة واعتبار الجهة أو الشخص الذي يعمل القانون في مواجهته؟
كان أولى بالوفاق أن تعلن احترامها للقانون والقضاء البحريني، وكان أولى بالولايات المتحدة أن ترفض البيان الذي أصدرته الوفاق تصف فيه حكما قضائيا محترما بأنه مغامرة مجنونة، لأن احترام أحكام القضاء أهم دليل على الانتماء للوطن واحترام مقدساته.
كان ولابد أن تفهم متحدثة الخارجية الأميركية أن البيان الذي أصدرته الوفاق يعد أسوأ من المخالفات التي ارتكبتها ضد القانون، لأنه ينطوي على سب للقضاء البحريني الذي لا يجوز للوفاق ولا لأميركا أن تهينه!
القانون البحريني يعطي الحق للوفاق ولغيرها في استئناف الحكم خلال مدة زمنية محددة، وعلى الوفاق أن تتخذ ما تراه وفق القانون دون تصريحات خارجة عن اللياقة والأدب، وعلى الخارجية الأميركية أن تفهم أن الالتزام بحرفيات القانون البحريني في العمل السياسي لن يضر بنشاط الوفاق وتحركها قيد أنملة.
الوفاق ليست فوق القانون، ومحاولات الوفاق لكسر إرادة الدولة وتحدي القانون، ولو في أشياء صغيرة، أمر غير مقبول، وتصريحات بساكي تصريحات لا معنى لها ولا محل لها من الإعراب لدى أهل البحرين.