يقوم عمل السفارات لدى دول المقر التي تعمل بها على الاحترام المتبادل، والبعد عن كل ما من شأنه أن يثير حساسيات مع شعوب وحكومات هذه الدول.
والسفارات بحكم القانون الدولي والأعراف الدولية والمعاملة بالمثل تتمتع مبانيها وأعضاؤها وأسرهم وسياراتهم ومساكنهم بحصانات خاصة تمكن فريق السفارة من القيام بعمله بكرامة واحترام خاص. وهناك نظريات معروفة في القانون الدولي تنظر لهذه الحصانة، لا يتسع المجال لذكرها في هذه العجالة.
ومملكة البحرين – نقولها بكل فخر – من أكثر الدول احتراما للسفارات وأعضاء السفارات المعتمدين لديها. ولم يثبت أبداً خلال عهد طويل أن تعرض دبلوماسي لأي إهانة أو اعتداء خلال أي ظرف من الظروف. ولا نبالغ إذا قلنا إن البحرين توفر هذا الاحترام لكل ضيوفها دبلوماسيين وغير دبلوماسيين.
في مقابل ذلك الاحترام الذي يتوافر للسفارات وأعضائها، هناك ضوابط وأعراف وقوانين يتوجب على السفارات أن تراعيها خلال عملها. أول هذه الضوابط :عدم التدخل في الشؤون الداخلية لدولة المقر.
وبناء عليه يكون من حق البحرين – كدولة تحترم ضيوفها – أن تكون حساسة تجاه أي تدخل في شؤونها الداخلية من قبل أي سفارة أو سفير، مهما كانت نظرة هذا السفير لنفسه أو للدولة التي يمثلها. فالعلاقات الدبلوماسية تعني الاحترام المتبادل وعدم التدخل في شؤون الغير.
وحتى عندما يكون للدولة التي يمثلها السفير موقف غير طيب من الدولة التي يعمل لديها السفير، فمن غير اللائق أن يعبر هذا السفير عن موقف بلده علناً لدى الدولة التي يعمل بها، وإن حدث هذا فهو نوع من أنواع البجاحة السياسية التي لا يجب أن يتصف بها الدبلوماسي.
ولا أبالغ إذا قلت إن الشأن الداخلي البحريني على وجه الخصوص له حساسية خاصة وله تفاصيل خاصة يجب أن تدفع الصديق قبل العدو إلى التفكير ألف مرة قبل أن يخوض فيه. وأعتقد أن هذا معلوماً لكل السفارات والسفراء، ولا يحتاج إلى تذكرة أو توصيف.
ولا نحتاج إلى محاجة طويلة لكي نثبت أن الاتصال بجماعات المعارضة وتقديم أي نوع من الدعم لها من قبل سفير دولة من الدول هو نوع من التدخل المقيت في شؤون الغير.
لذلك يكون ما قامت به السفارة البريطانية في البحرين خروجاً مرفوضاً على الأعراف الدبلوماسية المتبعة بين الدول، فاستقبال جماعات المعارضة ودعم فريق في مواجهة آخر لا وصف له عندنا سوى التخريب ونشر الفتنة وتسخين الأوضاع الداخلية في المملكة.
ما تقوم به السفارة البريطانية في البحرين من تدخل سافر أمر مرفوض جملة وتفصيلاً، من قبل الشعب البحريني قبل الحكومة، ويجب اتخاذ موقف أكثر تشدداً تجاه السفير البريطاني؛ لأنه لم يراع الحساسيات الداخلية في الدولة التي وفرت له كل التقدير والاحترام شأن بقية الدبلوماسيين.
ومما يؤسف له أن السفير البريطاني تعامل بتجاهل غير مقبول مع مشاعر الاستياء والرفض التي أطلقها نواب وأبناء البحرين رداً على تصرفاته المستفزة وتدخله المتكرر في الشأن الداخلي البحريني.
ونحن نخاطب السفير البريطاني بشكل مباشر ونقول له إن أبناء البحرين ونوابه مستاءون من تكرار مثل هذه المواقف، ونتوجه إليه بسؤال: هل تقبلون أن يقوم السفير البحريني لدى بلدكم بالاتصال وتقديم الدعم لجماعات العنف الموجودة هناك؟ أم أنكم تبررون لأنفسكم الوصاية على غيركم، ولا ترضون لأنفسكم ما ترضونه لغيركم؟