تخصيص أماكن لسكن العمال الأجانب

تخصيص أماكن لسكن العمال الأجانب

كتابات كثيرة صدرت ودراسات عديدة أجريت عن مخاطر التواجد العمالي الأجنبي الكثيف في دول الخليج العربي، ومن بينها البحرين، واعتقدنا في أكثر من مناسبة أن الحكومة ستتعامل مع هذه المخاطر بالمستوى الذي تستحقه لما لها من تأثيرات ثقافية واقتصادية وأمنية على المدى القصير والمدى الطويل، ولما لها من آثار أمنية سيئة.
ولكننا فوجئنا بأن مجلس النواب ينوي إعطاء هذا الوجود الأجنبي سمة أخرى جديدة وتحديد حيز جغرافي معين لتسكين هذا الوجود، وكأنه يريد أن يجعل هذا الوجود أمرا واقعا على مر الأزمان، وليس ظاهرة سيكون لها نهاية يوما ما!
هذا الموقف الذي يعبر عنه مجلس النواب ناتج بطبيعة الحال عن وجود ممارسات معينة يقوم بها هؤلاء الأجانب، رجالا كانوا أم نساءا، تؤذي مشاعر الأسر البحرينية وتؤثر على سلوكيات شبابها وتدفعهم نحو الانحراف بأشكاله المختلفة.
ومع إحساسنا جميعا كبحرينيين، بهذه السلبيات، إلا أن تخصيص أماكن محددة لسكن هؤلاء الأجانب لا يحل المشكلة، بل قد يؤدي إلى تفاقمها. فحشد هؤلاء العمال في منطقة جغرافية معينة يحافظ فقط على شكليات معينة، ولكن جوهر المشكلة باق وقد يزيد، وإذا كنا نعتقد أن إبعاد هؤلاء عن المناطق الآهلة بالعائلات البحرينية، سيحمي شباب البحرين من الاختلاط بهؤلاء ويحميهم من الانحراف، فهذا شيء غير مضمون بالمرة، لأن هؤلاء الشباب سيجدون طريقهم بسهولة إلى هذه الأماكن التي ستكون بمثابة مأوى أمن لكل من يريد ممارسات أي شيء ممنوع، وقد تصبح هذه الأماكن بؤرا لتجارة المخدرات وممارسة الدعارة وتزوير العملة وغيرها من الجرائم.
وفوق كل هذا فستصبح هذه الأماكن بمثابة تجمع أو شريحة معينة كبقية شرائح المجتمع البحريني وتستطيع من خلال هذا التجمع الطبيعي أن تمارس ضغوط معينة، وتطالب بالتوطين، وتستطيع أن تصنع لنفسها صورة أمام العالم الخارجي، وتطالب بتحسين الدخول والحصول على ميزات معينة.
قد يقول البعض أن هذه تصورات سذاجة وأن هذا الكلام بعيد عن الواقع، ولكن لا شيء بعيد عن الواقع في عالم دائم التحرش بالعرب والمسلمين.
وقد سمعنا مرارا عن محاولات لتوطين هذه العمالة وإعطائها المواطنة الكاملة في دولنا التي يمكن أن تفقد هويتها بسبب ذلك.
الحل إذن ليس في تخصيص أماكن أو عدم تخصيص أماكن، ولكن الحل يكمن في ضرورة تغيير ثقافتنا الخليجية التي ليس لها نظير في العالم.
لابد أن تتغير فكرتنا عن العمل وعن المهن التي يمارسها البشر في كل أنحاء العالم، فنحن لا نزال ننظر إلى بعض الأعمال على أنها أعمال حقيرة ولا تليق بأبناء الخليج، رغم أننا مسلمون، والإسلام يقدس العمل ويجعل العمل كالعبادة، ولابد أن يأتي اليوم الذي يعمل فيه شبابنا في كل المهن لكي نتخلص تدريجيا من أعباء العمالة الأجنبية.
إذا ذهبت إلى أمريكا أو فرنسا أو إيطاليا أو إلى الدول العربية غير الخليجية تجد شبابا يحملون جنسيات هذه الدول يعملون في محطات الوقود وفي المخابز وفي الأعمال الحرفية كالحدادة والنجارة وغيرها من الأعمال اليدوية، ولكن في دول الخليج، ومن بينها البحرين – رغم ما فيها من بطالة – لاتجد شباب هذه الدول يعمل بهذه الأعمال على الإطلاق، لأنه لم يجد أحدا قبله يعمل بها، ولأنها ارتبطت في ثقافتنا بالخدم وليس بالسادة، وهذه هي المشكلة، رغم أننا مسلمون، ورسولنا عليه السلام، كان يحلب شاته ويخصف نعله.