الولايات المتحدة وأوروبا ودول العالم المتقدم تحرق القمح والسكر لكي تنتج الوقود الحيوي الذي بدأ فعليا يحل محل النفط ويضرب أسعاره في مقتل، حيث هوت أسعار النفط لتصل إلى 70 دولارا للبرميل بعد أن كانت قد وصلت إلى 150 دولارا من قبل. وهذا الانهيار الكبير لا يمكن أن يكون سببه الأزمة المالية التي ضربت العالم وحدها.
الأمر جد خطير بالنسبة للدول المستوردة للغذاء، ففي عام 2009 وحده قامت الولايات المتحدة بخلط 107 ملايين من الحبوب الأميركية بالبترول لكي يتم استخدامها وقودا حيويا للسيارات.
وتقول إحصائيات وزارة الزراعة الأميركية إن إنتاج الإيثانول يرتفع بمعدلات قياسية، وإن الحبوب التي تمت زراعتها في الولايات المتحدة العام 2009 بغرض إنتاج الوقود الحيوي كانت تكفي لإطعام 300 مليون إنسان لمدة عام.
وذكرت جريدة الغارديان البريطانية نقلا عن تقرير سري للبنك الدولي أن إنتاج الوقود الحيوي في أميركا وبريطانيا أدى إلى رفع أسعار الغذاء بنسبة 75 %.
أما النتائج المترتبة على ذلك فقد أعلنها برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، حيث قال إنه منذ بدْء إنتاج الإيثانول زاد عدد الجياع في العالم إلى أكثر من مليار جائع.
ولا شك أن هذه السياسة الأميركية التي لا تعرف الرحمة ولا تعترف إلا بالمصلحة، ستؤدي مستقبلا إلى ازدياد عدد الجياع بشكل مفزع، لأن الولايات المتحدة هي أكبر مصدر للحبوب في العالم.
وأعتقد أن نتائج هذه السياسة أمر يهمنا في دول مجلس التعاون كما يهم أماكن أخرى في هذا العالم، خصوصا وأن هناك ضررا مزدوجا يقع علينا، حيث النفط الذي هو سلعتنا الوحيدة تقريبا ينخفض سعره بسبب إنتاج الوقود الحيوي والذي يؤدي بدوره إلى ارتفاع أسعار الغذاء الذي نستورده.
فهل من سياسة تتبناها الدول العربية، بخاصة دول الخليج لمواجهة هذا الضرر المزدوج؟ فلا يجوز أن نعطيهم النفط بثمن بخس ونشتري الغذاء بأغلى الأسعار.
أعتقد أنه قد آن الأوان لكي تنتج الدول العربية قمحها وسكرها لكي تواجه السياسات الكافرة التي لا ترحم والتي ستؤدي إلى إفقار العالم وتجويع البشر.
آن الأوان أن تستخدم الأموال العربية في زراعة الأراضي العربية بخاصة الأراضي السودانية التي تكفي مع غيرها من الأراضي إلى إطعام كل العرب.