القرار السعودي الخليجي تجاه وقف المساعدات عن لبنان قرار صحيح مئة بالمئة، وتأخر هذا القرار بالفعل سنوات، ليس لأن بيننا وبين الشعب اللبناني الشقيق عداوة لا سمح الله، فالشعب اللبناني شعب شقيق، وله عندنا كل مودة واحترام، ولكن هناك شيء خاطئ وغير منطقي داخل لبنان نفسه.
صحيح أن لبنان على مستوى الداخل دولة طوائف ودولة محاصصات ونحن نعرف ذلك ونعترف به طالما أنه اختيار اللبنالنيين أنفسهم، فرئيس الجمهورية من طائفة كذا، ورئيس الوزراء من طائفة كذا، ورئيس مجلس النواب من طائفة ثالثة، إلى جانب تفاصيل أخرى تتعلق باقتسام السلطة داخل هذا البلد الشقيق، ولكن بالنسبة للخارج، وبالنسبة لعلاقات لبنان الخارجية ومواقفه مع غيره من الدول، فلبنان يفترض أن يكون دولة واحدة، وليس أكثر.
ولكن هذا لا يحدث على أرض الواقع في لبنان، فمنذ سنوات طويلة، وما يسمى بحزب الله يكيل البذاءات للمملكة العربية السعودية ولكل دول الخليج وحكامها وحكوماتها، بشكل لا يمكن أن يتقبله كل الوطنيين في دول الخليج العربي.
فما الذي يجبر حكومات الخليج على أن تساهم في عمل بنية أساسية في دولة يقوم أحد مكوناتها بسب حكامها ليلا نهارا؟
وعندما تزيد الأمور عن مجرد الكلام والخطب الرنانة وتصل إلى حد المواجهة المباشرة مع دولنا وإعلان الحرب على استقرارنا واستهداف أمننا والعبث به بشكل واضح، يكون الأمر أكثر سوءا، ويكون رد الفعل أمرا حتميا.
وإذا كانت شخصيات لبنانية كبيرة لا تنكر أن حزب الله يشارك بالفعل في الحرب التي تجري في اليمن ويستهدف جنود السعودية وجنود دول الخليج العربي الذين يسعون لإعادة الشرعية لليمن، وإذا كانت نفس الشخصيات تقول إن هذا الحزب يقوم بتدريب بحرينيين وتمويلهم ليقوموا بتخريب البحرين وهز استقرارها، فإن المنطق البسيط يجعل القرار السعودي بوقف المساعدات للبنان أقل ما يجب خلال هذه المرحلة التي سقطت فيها كل الأقنعة واختفى فيها الحياء من الوجوه.
وإذا كانت الدولة اللبنانية – راضية كانت أو مرغمة – تتماهى مع ما يقوم به حزب الله في الداخل من استهتار بالدولة والتصرف على غير إرادة من بقية مكونات هذه الدولة، فإن الدول الأخرى ليست مجبرة على التسامح مع ما يقوم به الحزب من سياسات ومن تصريحات تجاهها وتجاه قادتها.
وإذا كانت الدولة اللبنانية – لظروف لديها – تتسامح مع وجود مليشيات على أراضيها لا تأتمر بأوامر الدولة ولا تنتمي لجيشها ولا لأجهزتها الأمنية، فإن الدول الأخرى لا يمكنها أن تتقبل الممارسات العدوانية التي تمارسها هذه المليشيات، حتى إن كانت الدولة اللبنانية نفسها رافضة هذه الممارسات.
حزب الله يطعن المصالح اللبنانية، تماما كما يطعن المصالح العربية، وبالتالي فلا مجال للوم القرارات السعودية والخليجية الأخيرة تجاه لبنان، فالدولة اللبنانية – مهما كانت ظروفها – مسؤولة عن ممارسات المنتمين إليها والمقيمين على أراضيها.