خطوة طيبة جدا أن أعلن المجلس الأعلى للمرأة بالبحرين دعم المرأة ماديا،والعمل على تمكينها سياسيا وتدريبها على خوض غمار الحملات الانتخابية على أساس علمي،حسبما صرحت السيدة لولوة العوضي،الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة، وعلى الرغم من الأهمية الكبيرة لهذه الخطوة المعلن عنها،إلا أننا يجب أن نأخذ في الاعتبار بعض الأمور، حتى تستطيع المرأة البحرينية أن تشق طريقها بخطى واثقة في مجال العمل السياسي وتضمن لنفسها التمثيل اللائق في المجلس التشريعي للمملكة.
أهم ما يجب أخذه في الاعتبار هنا،هو النظر إلى الجهد الذي سيشرع فيه المجلس الأعلى للمرأة على أنه بداية أو خطوة أولى تتبعها خطوات أخرى،لأن الطريق شاق،ولا يجب أن نفرط في التفاؤل الناشئ ربما بسبب ما حققته المرأة الكويتية من نجاح في الانتخابات الكويتية الأخيرة.
المطلوب، إذن ،هو الاستمرار في العمل على تغيير الثقافة المجتمعية القائمة، حتى وإن لم يسفر الجهد الحالي- لا قدر الله- عن النتائج التي تطمح إليها المرأة البحرينية خلال الانتخابات القادمة.
أنا لست متشائمة ، ولكن لابد أن نعلم أن مجتمعا خليجيا تأصلت فيه الثقافة الذكورية بتداعياتها المعروفة لن يتغير بشكل جوهري في بضعة أشهر – هي عمر هذه الحملة التي نحن يصددها. وليست المسألة هي فقط حملة إعلامية محددة بحدود زمنية وتدريب النساء على العمل السياسي وبناء كوادر من بينهن ليستطعن مخاطبة المجتمع واستقطاب الناخبين وبناء التحالفات والاستفادة من جماعات ضغط معينة إن أمكن،على النحو الموجود في الولايات المتحدة وغيرها من الدول.
فالحملات الانتخابية وفقا للنهج السابق – في المدى الزمني المحدد لها – يمكن أن تؤتي ثمارها، لو أن التنافس الانتخابي في المجتمع الخليجي بشكل عام ،والبحريني بشكل خاص،قائم على أسس صحيحة،أي أسس طبيعية فيما يتعلق بعلاقة المترشح بجمهور الناخبين،بمعنى أن يقوم الناخبون بتقييم المترشح تبعا لبرنامجه وقدراته وتاريخه، بعيدا عن أي تأثيرات أو ضغوط غير موضوعية،ودون أن يكون الاعتبار الوحيد هو الاصطفاف مع هذه الجماعة أو تلك.
الصخرة الكبيرة المطلوب من المرأة البحرينية النحت فيها،دون توقف أو هوادة، تتكون من مادتين أولاهما صعبة والثانية أشد صعوبة.أما الأولى، فهي الثقافة الذكورية التي تقلل من شأن المرأة وتجعلها كائنا خاملا لا يملك من أمر نفسه إلا القدر الذي يسمح به الرجل ، وهذه مسألة تشترك فيها البحرين مع غيرها من المجتمعات الخليجية والعربية دون استثناءات تذكر.
أما الثانية ، فهي تكاد تخص البحرين دون سواها، وأقصد بها الاصطفافات الموجودة حاليا،والتي باتت واضحة وثابتة كثبات الأنف في مقدمة الوجه وثبات الأذنين على جانبيه. هذه الاصطفافات لأسباب يعرفها الجميع، تؤدي إلى حذف المرأة من على الخريطة السياسية ،وإن سمحت لها بنصيب،سيكون هامشيا في أحسن الظروف.
لا أريد بكلامي إحباط أحد أو التقليل من أهمية وضرورة ما نحن بصدده، ولكنني أردت أن أضع بعض المعالم على الطريق الذي أحسبه طويلا، وأتمنى أن يكون كلامي دافعا قويا للمرأة البحرينية للاستمرار والنحت في الصخر لتحقيق الأهداف. والنحت في الصخر الذي أقصده سيتطلب الاستمرارية والتنويع في الأنشطة الداعمة للتغيير ، في الإعلام والتعليم وفي مجال التوجيه الديني ،حتى لا يقوم قطاع بمحو ما يحققه قطاع آخر، وحتى لا يبعثر الجمل بضربة من خفه ما جمعته النملة طوال العام!
زبدة القول:
قد يطول الوقت حتى يكون بمجتمعنا رجال لا يخجلون من تكرار مقولة عمر بن الخطاب:”أصابت امرأة وأخطأ عمر” .