ما قرأناه مؤخرا حول دعوة أحد رجال القانون لتحسين أوضاع السجناء في المؤسسات العقابية هو شيء جدير بالاهتمام،سواء وافقنا على الفكرة أو رفضناها- مع كل الاحترام لصاحبها وللجانب الانساني الذي تنطوي عليه هذه الأفكار النبيلة.
صاحب هذه الدعوة هو رجل قانون،وهو الأدرى والأقدر بحكم تخصصه وبحكم ممارسته لمهنته على معرفة حقوق نزلاء المؤسسات العقابية،وهو أيضا أقدر من غيره على عقد مقارنة بين ما يتم على الطبيعة من معاملات للسجناء وبين النصوص النظرية والقوانين الخاصة بمعاملتهم في البحرين وفي غيرها من الدول،ولكن رغم ذلك هناك أمور لا نستطيع نحن أن نفهمها ونقتنع بها بشكل كامل.
فقد جاء في الخبر أن أحد رجال القانون البحرينيين طالب بمنح نزيل السجن حسن السير والسلوك الذي أمضى سنة أو أكثر الحق في الخلوة الشرعية واستخدام الفيسبوك والايميل والسماح له بإتمام إجراءات زواجه وهو داخل السجن،وطالب بأن ينص القانون البحريني صراحة على حق النزيل في زيارة أهله في حالة الضرورة وفي شهر رمضان وفي العيدين،على أن يطبق نفس الشيء على غير المسلمين في أعيادهم،أو في حالة وفاة أحد الأقارب حتى الدرجة الثانية.
ومع كل الاحترام والتقدير لصاحب الدعوة،وهو رجل قانون وحصل على الماجستير بدرجة امتياز تحت عنوان «حقوق وحريات نزلاء المؤسسات العقابية في التشريع»،إلا أن هناك أمور نفهمها كأفراد عاديين غير متخصصين في القانون ونعرف أهدافها ومغزاها فيما ورد في التوصيات التي أوصى بها في رسالته،ولكن هناك أخرى لم نستطع معرفة أهدافها.
فممارسة الشعائر الدينية مثلا وتلقي الدروس الدينية أمر مفهوم لنا لأنها تساعد على إصلاح النزيل وتجعله عضوا صالحا في المجتمع بعد انقضاء مدة عقوبته وعودته لحياته الطبيعية،والسماح بالالتحاق بالمدارس والجامعات يساعد النزيل على مواجهة الحياة بعد خروجه من السجن.
كما أن السماح بالمعاشرة الزوجية،خاصة لمن يقضون عقوبات طويلة داخل السجن،مسألة مقبولة أيضا لأسباب معروفة،وكذلك السماح للسجين بزيارة أم أو أب يوشك أن يرحل عن دنيانا،أو حضور جنازة الأب والأم والأقارب حتى الدرجة الثانية،هي مأمور مقبولة،وأعتقد أنها تحدث في ظروف كثيرة بموافقة المسئولين وإن لم يكن هناك نص قانوني مكتوب بشأنها.
ولكننا نريد أن نفهم مسألة السماح باستخدام برامج التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك والإميل وما يمكن أن تحققه للسجين من رفاهية وكسر واضح للقيود المفروضة على حريته كسجين يقضي عقوبة معينة بسبب ما اقترفت يداه، خاصة وأن هذه التكنولوجيا الحديثة قد كسرت حاجز الوطن نفسه وألغت الفواصل بين الدول ،إلى جانب أن استخدام الفيسبوك أو الإيميل يجعل الشخص قادرا على ممارسة عمله وتحقيق الكسب والتواصل مع العالم كله ورؤية ذويه أكثر مما يراهم وهو خارج السجن ويستطيع أن يدير أعماله ويعقد الصفقات وهو في محبسه،وبهذا يفقد السجن صفته العقابية التأديبية ويجعل السجن مكانا للراحة والاستجمام.
وفي النهاية نؤكد على أن هذه الملحوظة ليست اعتراضا على هذه التوصيات،ولا هي رفضا لما تنطوي عليها من إنسانية واحترام لكرامة الانسان،ولكنها محاولة للفهم.